الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكم الشرعي لأساليب الطاقة الخالية من الممارسات السحرية لاكتساب مهارات مباحة

السؤال

سؤالي مرتبط بحكم تعلم الفنون القتالية المتقدمة التي يستعمل اللاعب أو المقاتل في مراحلها الأخيرة طاقة جسمه لفعل أشياء تبدو خارقة للناس العاديين, فبعد قراءة كتب كثيرة حول هذا المفهوم وجدت أن مسألة الطاقة هذه هي علم من أنواع العلوم الدنيوية, كسائر العلوم – الرياضيات, والفيزياء, والكيمياء, والأحياء... - ولأن الناس نشؤوا على تعليم غربي فلا يستطيعون لأول وهلة إلا الحكم على أساليب الطاقة وما تعطيه من قدرات لمستعملها بالسحر أو استخدام الجانّ.
ويدور مفهوم الطاقة حسب ما فهمته حول طريقة التنفس، فنحن لا نحسن التنفس, قد يبدو الكلام غريبًا لكنه جوهر تلك الأساليب, فبدل التنفس العادي يقوم الممارس بأنواع عدة من التنفسات: علمت منها ثلاثة: ففي الأول مثلًا يقوم الممارس بشهيق مع إخراج البطن؛ لكي تجد الرئتان متسعًا للإطالة, فتمتلئ الرئتان بالهواء, وكلما كثر الهواء فذلك يعني استقلابًا أحسن للطعام الذي نتناوله؛ مما يؤدي لصحة أفضل وطاقة أكثر.
هذه الطاقة هي الطاقة التي تظهر في أوقات حرجة: فوقت الشدائد يمكن أن يفعل الناس أشياء لا يمكن أن يعيدوا فعلها في الأيام العادية, فمثلًا عند الهروب من خطر محدق – ككلب, أو غيره - يتمكن بعض الناس من الجري بسرعة, أو قفز حاجز عالٍ, وهذه الطاقة تنمو بالممارسة، وعند التوقف تختفي تدريجيًا بعد مدة حسب الأسلوب المتبع في تنميتها، ويفقد مستعملها جزءًا منها باستعمالها, وهي تحتاج مدة طويلة تبلغ سنوات حسب الممارس, وحسب الأسلوب الذي يمارسه, وحسب أستاذه, وهي نفس الطاقة التي تخرج في حالات حرجة إلا أن تنميتها واستعمالها بطريقة إرادية هو ما أريد حكمه.
وقد وجدت أن بعض الأساليب تعتمد على السحر الذي نعرفه, باستعمال الدم, أو التعويذات, أو غير ذلك, مثل: فن النينجوتسو, إلا أن ممارسي هذا الأسلوب نوعان: من يمارسه بغثه وسمينه - بالسحر أعني - ومن يمارسه دون استعمال السحر, واستعمال السحر في فن النينجا إنما وجد لطبيعة مهمات النينجا التي يكلف فيها جندي النينجا باغتيال إنسان ذي شأن, وعادة ما يكون هذا الأخير محاطًا بحرسه داخل قصره, فالدخول وقتل الهدف والخروج سالمًا يعدّ مهمة صعبة يستعمل فيها النينجا عدة علوم:
الكيمياء: لصنع السموم وقنابل الدخان.
الطوبوغرافيا: لمعرفة مكان المهمة, ومن أين يدخل أو يهرب.
الفنون القتالية البدنية – باليابانية طايجوتسو - وهي تعتمد على اليدين والرجلين بشكل كبير.
الطاقة: تمنح النينجا قوة لصرع مقاتليه.
التخفي: بلبس الأزرق الغامق عوض الأسود لعدم الظهور في الظلام الدامس.
السحر: لسحر من يعترض طريقه مثلًا بأن يسحر عينيه لكي يرى شيئًا أو وحشًا فينشغل به, وهذا لا خلاف في حرمته.
الشاهد من هذا كله - وعذرًا للإطالة - أن فن النينجا يعتمد على علوم دنيوية, ويعتمد على السحر أيضًا, وأسلوب الكاراتيه المشهور أيضًا في مراحله المتقدمة يستعمل ممارسه طرق التنفس, وتصليب العضلات لشحنها بالطاقة، فيصبح جسد الممارس قادرًا على تحمل الضربات, وعلى الضرب بقوة تمكنه من كسر قطعة ضخمة من الثلج, وتحمل ضربات بالعصي, والكثير مما يثير الدهشة, وأساليب الكونغ فو شاولين, والتاي شي, واليوغا هي أقوى وأنجع الأساليب في استعمال هذه الطاقة.
ومما وقع عليه نظري وأعجبت به التالي: أحسن أوقات التمرن هو الثلث الأخير من الليل, والصباح الباكر - وهي أوقات مباركة بلا شك - وتعليل من يقول بالطاقة هو وجود طاقة عظيمة في تلك الأوقات دون غيرها يستفيد منها الإنسان بتلك التمارين، وإذا نام لا يستفيد ويصبح ضعيفًا, ومن يريد الممارسة فيجب عليه اجتناب شرب الخمر, وهناك قدر كبير من الطاقة يضيع عند إخراج المني, وهاتان المعلومتان ذكرهما كاتب الطب النبوي, وأشار إلى الطاقة - حسب فهمي - بعبارة جوهر الروح, فيا ترى ماذا قصد ابن القيم بجوهر الروح في كتبه؟ فهو بالتأكيد لم يقصد الروح التي نعرف, والتي بخروجها من الجسد نموت, فهذا القليل مما خلصت إليه بعد الاطلاع على الكثير من الكتب, والفيديوهات, والتي كان العديد منها لنصابين يحاولون أكل أموال الناس بالباطل, والاستخفاف بعقولهم, فعلوم الطاقة هذه حسب نظري حتى الآن علوم دنيوية, لا فرق بينها وبين العلوم الأخرى سوى كون مصدرها دول الشرق - الهند والصين - وما يمنع المسلمين في نظري هو الاعتقاد بأن أصل هذه الممارسات البوذية أو الهندوسية أو الطاوية, وهذا خطأ, بل إن الدراسات التاريخية أثبتت أن بوذا نفسه لم يكن ممارسًا لتلك الفنون، وإنما هي إشاعة أطلقها الصينيون لكي يمارس البوذيون وغيرهم ممن يعبد بوذا أو يعظمه أنها من دينهم.
وتستعمل هذه الأساليب القوات الخاصة لبعض الدول العربية المسلمة – كالجزائر - ويعتمدون على أسلوب كوك سول (kuk sool) فما هو الحكم الشرعي لأساليب الطاقة الخالية من الممارسات السحرية؟ وبالتحديد فن (TENAGA DALAM) الطاقي الإندونيسي الأصل، وإندونيسيا - كما تعلمون - هي أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن وجدت مثل هذه الأساليب الخالية من الممارسات السحرية ونحوها من الخرافات والعقائد الوثنية، والطقوس الشركية، والمخالفات الشرعية، وكان الغرض من ممارستها اكتساب مهارة مباحة، فلا حرج في ذلك, ولكن ما اطلعنا عليه في هذا المجال لا يخلو من هذه المنكرات أو بعضها, وراجع للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 102504، 61944، 185415، 159799، 138256.
وبخصوص فن (TENAGA DALAM) الذي سأل عنه السائل فلا علم لنا به، ولا نستطيع أن نثق في الصفحات المترجمة التي اطلعنا عليها بخصوصه، وإن كان جميعها لا يخلو من المنكرات التي أشرنا إليها.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني