الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من ذهبت للمسجد متعطرة.. وحكم صلاتها

السؤال

هل يجب على المرأة التي ذهبت إلى المسجد متعطرة، وهي تعلم أنها ستمر على رجال، ولكنها لا تقصد الفتنة أن تغتسل ؟
وماذا عنها إذا كانت ذاهبة إلى مكان آخر وأقيمت الصلاة وهي ولا تعلم أنها ستذهب إليه. هل تغتسل ؟
لقد وضعت كريما رائحته خفيفة جدا، وكنت أتحاشاهم، ولكن مع وسواسي أوسوس في أن أحد الرجال قد شم الرائحة، وكنت ذاهبة إلى المسجد.
فهل لا تقبل صلاتي حتى أغتسل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز للمرأة الخروج إلى المسجد وهي متعطرة, ولو لم تقصد فتنة الرجال, وإذا فعلت ذلك فلترجع ولتغتسل مثل غسل الجنابة إن كان الطيب شاملا لبدنها, وإن كان الطيب على جزء من جسدها فقط، فيكفيها غسل موضعه فقط, ولايلزمها غسل جميع الجسد, وإن كان الطيب بثوبها غسلت موضعه, أو استبدلته بثوب آخر. وإذا لم ترجع وتغسل الطيب، فصلاتها صحيحة تبرأ بها الذمة, ولا تلزمها الإعادة. فقد جاء في سنن أبي داود وغيره عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الطِّيبِ يَنْفَحُ، وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ، فَقَالَ: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ، جِئْتِ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ حِبِّي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ لِامْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِهَذَا الْمَسْجِدِ، حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنَ الجَنَابَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْإِعْصَارُ غُبَارٌ. وصححه الشيخ الألباني.

وجاء في فيض القدير للمناوي: (أيما امرأة تطيبت) أي استعملت الطيب الذي هو ذو الريح (ثم خرجت إلى المسجد) تصلي فيه (لم تقبل لها صلاة) ما دامت متطيبة (حتى تغتسل) يعني تزيل أثر ريح الطيب بغسل أو غيره، أي لأنها لا تثاب على الصلاة ما دامت متطيبة، لكنها صحيحة مغنية عن القضاء، مسقطة للفرض، فعبر عن نفي الثواب بنفي القبول إرعابا وزجرا. انتهى.

وفي مرقاة المفاتيح لنور الدين الملا الهروي القاري: (لا تقبل) أي: قبولا كاملا (صلاة امرأة تطيبت للمسجد) أي: للخروج إلى المسجد، وفي المصابيح: لهذا المسجد، قال ابن الملك: إشارة إلى جنس المسجد لا إلى مسجد مخصوص (حتى تغتسل غسلها) أي: مثل غسلها (من الجنابة) : بأن تعم جميع بدنها بالماء إن كانت طيبت جميع بدنها ليزول عنها الطيب، وأما إذا أصاب موضعا مخصوصا فتغسل ذلك الموضع، وإن طيبت ثيابها تبدل تلك الثياب أو تزيله، وهذا إذا أرادت الخروج وإلا فلا، قال ابن الملك: وهذا مبالغة في الزجر؛ لأن ذلك يهيج الرغبات، ويفتح باب الفتن. انتهى.

أما إن لم تقصد المرأة التطيب للمسجد وإنما خرجت لمكان آخر، ثم أقيمت الصلاة ودخلت المسجد، فلا تطالب بغسل الطيب؛ ففي الحديث السابق: لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ لِامْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِهَذَا الْمَسْجِدِ.

لكن خروج المرأة متعطرة لغير المسجد له حالات, فقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب, وقد يكون حراما, وقد يكون مكروها فقط؛ وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 71047

وبخصوص خروجك مع وضع " كريم " فإن كانت له رائحة مثل رائحة الطيب، فهذا غير مشروع ولو لم تتحققي من شم الرجال له، لكن صلاتك مجزئة ولا تلزمك إعادتها, ولو لم تغسلى الطيب المذكور؛ كما ذكرنا آنفا .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني