الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم عندي ثلاثه من الإخوة وطلب من والدي أن نذهب الى مدينة الرياض لحضور زواج ابن عمي وذهبت بوالدي الى الرياض وفي الطريق انفجرت إحدى عجلات السيارة وفانقلبت وتوفي والدي في الحادث وأصبت ببعض الكسور وعند خروجي من المستشفي علمت بوفات والدي السؤل قال لي اخوتي انك ترث من مال والدي تكرم منا فقط وانهه ليس لك حق شرعي في الميراث لان والدنا قد مات معك هل الكلام صحيح مع العلم ان اخوتي لايشكون في نزاهتي وان الحادث قضاء وقدروليس لي سبب مباشر في وفات والدي غير انني كنت بارن بهي

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإذا كنت قد أخذت بكافة أسباب السلامة، من تفقد عجلات السيارات وكونها صالحة للسير، وعدم تجاوز السرعة إلى حد يظن معه انفجار هذه العجلات، فلا شيء عليك. وإن كان الأمر بخلاف ذلك وقرر أهل الاختصاص بأنك وقعت في شيء من الإهمال، والتفريط فكان ذلك سبباً فيما حدث، فحينئذ يلزمك أمران:
الأول: الكفارة، وهي على الترتيب عتق رقبة مؤمنة فإن لم تجدها فصيام شهرين متتابعين،
والثاني: الدية تدفع لورثة المقتول، لقوله تعالى: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء:92)
وتسقط الدية بعفو الورثة، كما هو مبين في الآية، فإن عفا البعض وطالب البعض بها، سقط حق من عفا بشرط أن يكون بالغاً رشيداً.
وهذه الدية تتحملها العاقلة، وهم أقرباؤك من جهة الأب، فتقسم الدية على الإخوة وبنيهم، ثم أعمام الأب وبنيهم، ثم أعمام الجد وبينهم، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة. رواه مسلم
ولا تتحمل أنت من الدية أكثر مما يتحمله غيرك من أفراد العاقلة وهذه الدية لا ترثها ولا تأخذ منها شيئاً.
وأما الميراث الذي خلفه والدك ففي إرثك منه خلاف بين العلماء: فمذهب مالك رحمه الله أن القاتل خطأً يرث من غير الدية. وهذا مروي عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن ومجاهد والزهري ومكحول
والأوزعي وأبي ثور وابن المنذر وداود.

ومذهب الحنفية والشافعية والحنابلة أنه لا يرث.
واحتج هؤلاء بعموم قوله صلى الله عليه وسلم " ليس للقاتل شيء " رواه أبو داود وإسناده حسن.
وحجة مالك ومن معه أن هذا الميراث ثابت بالكتاب والسنة وخص منه قاتل العمد بالإجماع، فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه.
وهذا كله مبني على حكم أهل الاختصاص بأنك متسبب بنوع تفريط أو إهمال.
وعلى كل حال، فينبغي للإخوة أن يأخذوا بالعفو والصفح في شأن الدية، مراعاة لما بينكم من الرحم.
وإن حصل خلاف في شأن الميراث، لزم رفع الأمر إلى القضاء للفصل في المسألة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني