الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من اعتمر في أشهر الحج ورجع لبلده ثم أحرم بالحج مفردا

السؤال

جاءت والدتي في زيارة إلي، وقمنا بعمرة في أشهر الحرم (شوال) ورجعنا إلى الرياض، وجلست معي إلى الحج، ثم قمنا بالحج مفردين.
فما حكم حج والدتي وحجي؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فحجكم صحيح إن شاء الله، ولا يلزمكم دم تمتع عند كثير من الفقهاء ما دمتم سافرتم بعد العمرة، وخرجتم من مكة مسافة قصر.
قال ابن قدامة في بيان شروط التمتع الموجب للهدي: أَنْ لَا يُسَافِرَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ سَفَرًا بَعِيدًا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْمُغِيرَةِ الْمَدِينِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إنْ رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ، بَطَلَتْ مُتْعَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ رَجَعَ إلَى مِصْرِهِ، أَوْ إلَى غَيْرِهِ أَبْعَدَ مِنْ مِصْرِهِ، بَطَلَتْ مُتْعَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ مُتَمَتِّعٌ وَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ }, وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ, فَإِنْ خَرَجَ وَرَجَعَ، فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُ ذَلِكَ. اهـ.
وقال ابن عثيمين- رحمه الله تعالى- فيمن سافر إلى بلده بعدما اعتمر في أشهر الحج: ... لو سافر إلى بلده ثم عاد من بلده محرماً بالحج؛ فإن تمتعه ينقطع، فإن عاد محرماً بعمرة بعد أن رجع إلى بلده صار متمتعاً بالعمرة الثانية لا بالعمرة الأولى؛ لأن العمرة الأولى انقطعت عن الحج بكونه رجع إلى بلده. انتهى كلامه رحمه الله.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني