الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتحار..هل هو الحل الأمثل للهروب من الواقع المر!!

السؤال

هل يجوز لي الانتحارخصوصا إذا كنت فاشلاً دائما وكثير الابتلاء بالأمراض ومتقلباً في العقيدة ومتقلباً في الانتماء إلى الوطن والعرب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الانتحار من عظائم الذنوب وكبائرها التي من ارتكبها فقد استحق الخلود في نار جهنم، كما قال تعالى: ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً ) [النساء:30] وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
10397 5012 8012
وقد بينا في هذه الفتاوى أنه لا يجوز الإقدام عليه في ظل أي ظرف من الظروف بما في ذلك ما ذكرته من الفشل، وكثرة الابتلاء بالأمراض وغير ذلك.
وإن التفكير في الانتحار بقصد التخلص من مشاكل الحياة، وابتلاءاتها هو تفكير من لا يؤمن بالله تعالى، ولا يؤمن بقضائه وقدره سبحانه، ولا يرضى بذلك، ولا يصدق بلقائه وجزائه.
أما من كان مؤمناً بالله تعالى مؤمناً بقضائه وقدره ولقائه موقناً بوعده ووعيده، فلا شك أنه سيرضى بما قدر الله، ويسلم، ويحمد الله تعالى في السراء والضراء، ويتعبد في كل حالة بما يناسبها من شكر على ما أعطي، وصبر على ما ابتلي، مع العلم أنه لا مفر من الله إلا إليه، ولا منجى ولا ملجأ إلا إليه، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا راد لما قضى سبحانه وتعالى.
وبهذه العقيدة، وبهذا التصور للحياة يتلقى المؤمن أمور الحياة بصدر رحب، وترد على قلبه برداً وسلاماً، لأنه يعلم أنها جمعيها من قضاء الله وقدره، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " أخرجه مسلم وابن حبان وغيرهما.
واعلم أن علاج الفشل هو صدق الاعتماد على الله تعالى، وكمال التوكل عليه، والأخذ بأسباب النجاح، وقوة العزيمة، ومصاحبة الصالحين من ذوي الهمم العالية، والابتعاد عن رفقاء السوء وعن الخاملين البطالين الكسالى.
وأما الابتلاء فيرد بالدعاء وصدق الالتجاء إلى الله تعالى، فالابتلاء منه، وهو الذي يكشفه وحده سبحانه، قال تعالى: ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) [النمل:62] وأخرج الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة "
وننبهك إلى أمر مهم جداً هو أنما أخبرت به عن نفسك من أنك متقلب في العقيدة.. إن كنت تقصد به أن لديك شكاً وتردداً في بعض ثوابت العقيدة، فاعلم أن الأمر خطير، فعليك أن تسارع إلى العلاج، واعتصم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولازم أهل العلم، وأكثر من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وراجع الفتوى رقم:
19691والفتوى رقم:
18353
وأما كونك متقلباً في الانتماء إلى الوطن والعرب فلم نعلم حقيقة ما تقصد بذلك، لكن الأمر في ذلك ليس ذا بال.
وإنما المطلوب من المسلم أن يحقق ولاءه لله ولرسوله ولدينه وللمؤمنين، فذلك الذي ينفعه عند الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني