الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قصة الغرانيق..وبيان بطلانها

السؤال

السلام عليكم-ماهي قصة الغرانيق أرجو وألح على فهم هذه الأخيرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فأصل القصة كما يذكرها بعض المفسرين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما شق عليه إعراض قومه عنه تمنى ألا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه لحرصه على إيمانهم، فكان ذات يوم جالسا في ناد من أنديتهم، وقد نزل عليه سورة: والنجم إذا هوى. فأخذ يقرأها عليهم حتى بلغ قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى [لنجم].
وكان ذلك التمني في نفسه فجرى على لسانه بما ألقاه الشيطان عليه.. تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى. فلما سمعت قريش ذلك فرحوا ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته حتى ختم السورة، فلما سجد في آخرها سجد معه جميع من في النادي من المسلمين والمشركين فتفرقت قريش مسرورين بذلك وقالوا: ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر. فأتاه جبريل فقال: ما صنعت تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله! فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاف خوفاً شديداً فأنزل الله عليه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحج:52].
قال الإمام الشوكاني بعد أن ساق هذه القصة بكاملها في تفسيره: ولم يصح شيء من هذا ولا ثبت بوجه من الوجوه ومع عدم صحته بل وبطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه، قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ* لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة:44-46].
وقوله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [لنجم:3].
وقوله تعالى: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً [الإسراء:74].
فنفى المقاربة للركون فضلاً عن الركون، قال البزار: هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم باسناد متصل، وقال البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، وقال الإمام ابن خزيمة: إن هذه القصة من وضع الزنادقة، وقال القاضي عياض: في الشفاء إن الأمة أجمعت فيما طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه لا قصدا، ولا عمدا، ولا سهوا، ولا غلطاً.
وبكلام هؤلاء الأئمة الأعلام يتضح بحمد الله تعالى -للسائل وغيره- زيف وبطلان هذه القصة، وأنها من دسائس اليهود وحقدهم على هذا الدين ومحاولاتهم الدؤوبة للنيل من الإسلام ومن رسوله صلى الله عليه وسلم، : يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني