الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي خانتني أثناء حملها فهل يجوز أن أحلل الدي إن إي للمولود؟

السؤال

تزوجت منذ سبع سنوات، ورزقني الله بطفل ـ ما شاء الله – جميل، واضطرتني ظروف عملي للسفر للعمل في السعودية، ورزقني الله بزوجة كانت حنونة، ولكنها ضعيفة الشخصية، تتأثر بكلام من حولها، وسعيت جاهدًا بعدما توفرت لدي الإمكانيات أن أستقدمهم للعيش بجانبي، ولكن الطامة الكبرى أنني اكتشفت أن زوجتى خانتني قبل أن تأتي بثلاثة أشهر، وجاءت إليّ متغيرة الطباع والمزاج، وحاولت كثيرًا أن أعرف سبب تغيرها، وكنت أتعامل معها بكل رفق، ولم أقصر معها في شيء، وأخذتها لأداء فريضة الحج والعمرة عدة مرات، وبعد سنة من النزاع معها طلبت أن تعيش بمصر لعدم قدرتها على التأقلم مع الغربة، فاستجبت لطلبها، على أن تأتي كل فترة لأداء العمرة، وبعد نزولها بحوالي عشرين يومًا أخذت إجازتي، وذهبت إليها، فلاحظت عليها تغيرًا شديدًا جدًّا، فهي لا تريد أن تجلس معي، أو تنام بجانبي، وبعد بحث وضغط مستمر اكتشفت أنها تعرفت إلى شاب عن طريق الهاتف، وأنها ذهبت إليه عدة مرات، وارتكبت جريمة الزنا معه، واعترفت لي بذلك، والطامة الكبرى أنها حملت في الفترة التي كانت معي فيها، والفترة التي ذهبت فيها إلى ذلك الشاب، ولا أعرف حتى الآن من أين هذا الجنين، وهل هو مني أو من غيرى؟ وحاولت سترها، وعدم فضح أمرها، ولكن بعد معرفتي بكافة التفاصيل أصبحت أعيش في عذاب مستمر، وهي الآن نادمة ندمًا شديدًا، وأصبحت تواظب على الصلاة، ولكنني أصبحت غير متقبل لها كلما تذكرت ما عملته معي، حيث كانت تترك عملها وتذهب إليه أثناء وجودي في مصر، ومنحتها الثقة الكاملة، ولا أحد من الممكن أن يشكك فيها، وكل من حولها يشهد لها بالأخلاق الحميد،ة ولكن كيف أتقبل هذا الطفل، وأنا لا أعرف هل هو مني أم من غيري؟ وهل أقوم بعمل تحليل الدي إن إي، وفي حالة عدم ثبوت الطفل لي، فكيف أتصرف؟ أعرف تمامًا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن الولد للفراش، فهل هذا يتنافى مع التحليل؟ وفي حالة عمل التحليل فسوف يفتضح أمرها الذي حاولت وما زلت أحاول ستره، مصداقًا لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة" وأشعر بخيبة أمل رهيبة، ولا أعرف كيف أتصرف، وأقدمت زوجتي أكثر من مرة على الانتحار بعدما طلبت منها أن ننفصل في هدوء، وعدم ذكر أسباب الطلاق، ولكنها رفضت بحجة أنها تحبني جدًّا، وأن ما فعلته من عمل الشيطان، وكان تحت تأثير الغفلة، وإلحاح هذا الشاب المستمر عليها، وكان هذا الشاب يتحكم في كل شيء في حياتي وكان يطلب منها افتعال المشاكل معي، وعدم النوم بجواري، وطلب منها ترك العيش معي في الغربة، وافتعال المشاكل حتى تأتي إليه مرة أخرى، وإن طلقتها فلن تجد من يؤويها، فهي لا تجد معاملة طيبة من أهلها، رغم معاملتها الطيبة لهم، وهي الآن تقول لي: إنه ليس لها سواي، وإن الحياة بدوني تعني الانتحار، فكيف أتصرف؟ وهل هذا ابتلاء من الله؟ علمًا أنني لم أرتكب جريمة الزنا في حياتي قط.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن غلب على ظنك أن زوجتك تائبة توبة صادقة، ولم تظهر منها ريبة، فأمسكها، ولا تطلقها، فإن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، واحرص على أن تقيما معًا، فلا تسافر دونها، وكن قوامًا عليها، تسد عليها أبواب الفتن، وتجنبها مواطن الريب، واستر عليها، ولا تفضحها، واعلم أن الولد لاحق بك، فلا تفتح باب الشكوك في نسبه، ولا تقدم على تحليل الحامض النووي لمعرفة نسبه، فإنّ هذا لا يصلح طريقًا لنفي النسب، فقد جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشر بشأن البصمة الوراثية: لا يجوز شرعًا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان.

ولا ريب في أن ما أصابك ابتلاء من الله، فينبغي عليه أن تراجع نفسك، وتحاسبها، وتجدّد التوبة من كل الذنوب، فكما قيل: لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، قال ابن القيم: ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم، وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني