الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تحديد نسبة معينة للربح في البيع والشراء

السؤال

***من أرض الجهاد بالشام. عاجل لو تكرمتم***
عنوان السؤال هو: مشروعية عملية بيع باعتبار ظروف الحرب، والحصار الشديد في سوريا، وكيفية التسعير في حالة الجواز؟
شركة تملك وقودا ًمخزنا ًللاستهلاك الذاتي، في ظل انقطاع الكهرباء المستمر بسبب ظروف الحرب القاسية، امتد تحرير الأراضي إلى أن وصل منطقتها، وأصبحت منطقة محررة بأيدي المجاهدين. تمركز المجاهدون في الشركة؛ مما دفع النظام للاستهداف المباشر، والمكثف للشركة، مؤديا لحريق هائل لبضائع قيمتها حوالي 7 ملايين.
بسبب الدمار الذي أصاب الشركة، والحصار على منطقة عملها، ووجود ديون كبيرة عليها، فهي تسعى لبيع الوقود الذي تبقى لها.
ما السعر الذي يمكن لها شرعا ًبيع لتر الوقود به؟
سعر السوق في المنطقة المحاصرة لكامل الكمية: 320 ألفا.
سعر السوق في المنطقة غير المحاصرة لكامل الكمية: 47 ألفا.
سعر الشراء: 60 ألفا.
سعر متوافق عليه مع مشتري من الهيئات الإغاثية: 180 ألفا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا في كثير من فتاوانا أنه لم يرد في الشرع تحديد للربح، لا تجوز مجاوزته، على الراجح من أقوال أهل العلم.
فالعبرة في ذلك برضى الطرفين، لكن يكره استغلال حاجة الناس، وإرهاقهم بما يشق عليهم مشقة بالغة، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للتاجر السمح بالرحمة فقال: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى. رواه مالك في الموطأ عن جابر رضي الله عنه، وبعضه في البخاري.

وعليه فلا حرج على الشركة في بيع سلعتها بأعلى الأثمان، وأكثرها ربحا مما ذكر، غير أن مراعاة حال الناس، وعدم استغلال حاجتهم، أمر مستحب. ولذا لا يمكننا تحديد ثمن من تلك الأثمان، بل يوكل ذلك إلى اختيارهم هم، وتقديرهم للحال والمآل.

جاء في قرار صادر عن مجمع الفقه الإسلامي بجدة ما يلي:

أولا: الأصل الذي تقرره النصوص، والقواعد الشرعية: ترك الناس أحرارا في بيعهم وشرائهم، وتصرفهم في ممتلكاتهم، وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وضوابطها عملا بمطلق قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ. ثانيا: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح، يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة، وظروف التجارة والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق، والقناعة، والسماحة، والتيسير.

ثالثا: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام، وملابساته كالغش، والخديعة، والتدليس، والاستغفال، وتزييف حقيقة الربح، والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة، والخاصة.

رابعا: لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللا واضحا في السوق، والأسعار ناشئا من عوامل مصطنعة؛ فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة، التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل، والغلاء، والغبن الفاحش. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني