الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختيار صاحبة الدين زوجة على غيرها.. لماذا؟

السؤال

من معلوماتكم الشرعية، وخبرتكم في الدين والدنيا، هل من الصواب الزواج بصاحبة الدين العادي - أي أنها ليست من الملتزمات حقًّا، ولكن لديها مميزات أخرى، فهي جميلة مثلًا – على أن يعمل الزوج على إصلاحها بعد الزواج، وتغييرها للأفضل؛ لتصبح صوامة، قوامة، عابدة، محبة للإسلام، مهتمة بقضايا المسلمين - بإذن الله تعالى -؟ أم أن التغيير بعد الزواج صعب؟ وعليه، فهل الأفضل أن تكون صاحبة دين أصلًا، فيتم أخذها من بيت أهلها جاهزة؛ لأنه قابليتها للتغيير من المحتمل ألا تكون كبيرة، وهل هناك عوامل أخرى تنصحون بمراعاتها بخصوص الزواج، ثم التغيير؟ فلا يخفى عليكم مثلًا أن عمر البنت يلعب دورًا مهمًا في قابليتها للتغيير، ففي العادة ليست الصغيرة دون العشرين من عمرها كالكبيرة - جزاكم الله تعالى خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمرأة ذات الدين من أهم من ينبغي أن ينشدها الرجل زوجة له؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وذلك لأن ذات الدين أرجى لأن تعرف لزوجها حقه عليها، وتحفظه في نفسها، وماله، وولده، وتكون أبعد عن النشوز، ونحو ذلك، قال تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء:34}، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: قانتات ـ يعني مطيعات لأزواجهن: حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ. اهـ. وقال السدي، وغيره: أي: تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. اهـ.

ولا شك في أنه إذا اجتمع مع ذلك الأمور الأخرى من الجمال، والحسب، ونحوهما كان أفضل، ولكن لا يقدم على الدين شيء، ومن حكمة القول، وجميل الكلام ما قاله الإمام أحمد بن حنبل: إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولاً، فإن حُمد سأل عن دينها، فإن حمد تزوج، وإن لم يحمد يكون رده لأجل الدين، ولا يسأل أولًا عن الدين، فإن حمد سأل عن الجمال، فإن لم يحمد ردها، فيكون ردها للجمال لا للدين.

فإن كان المقصود بكون الفتاة دينها عادي: أنها غير مستقيمة، فالزواج منها على زعم إصلاحها بعد الزواج أمر غير سديد، فقد لا يتغير حالها، فإما أن يرتضيها الزوج بعد ذلك على حالها، أو ينكر عليها، ويدخل معها في خلاف قد يؤدي إلى الطلاق.

ولا يبعد أن يحدث العكس بأن تؤثر عليه في دينه، فبدلًا من أن يكون سببًا في استقامتها تكون سببًا في انحرافه، ومثل هذا متوفر في الواقع.

وإن كان المقصود أنها مستقيمة، ولكن مطلوب منها كمال الاستقامة: فلا بأس بالزواج منها، والاجتهاد في تربيتها، وتعليمها أمر دينها، وتذكيرها بما تزكو به نفسها فترقى في درجات الكمال، وينبغي أن يكون الزوج قدوة لها في الخير حتى تنتفع بنصحه، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان:74}، أي: قدوة في الخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني