الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية وكيفية التحفظ من العين

السؤال

أشك في إصابة ابنتي بالعين، فقد أكرمها الله بالعمل في مدرسة إسلامية شديدة الاحترام، وكان هذا محط أنظار العائلة، فالكل ينظر إليها باعتبار أنها أفلحت في الدراسة، ووجدت عملا جيدا، وأنها مستحملة العمل برغم صعوبته ومرضها؛ حيث إنها مريضة قولون.
المهم أن الحال تغير، زاد مرض البنت، وحدثت مشاكل لصاحب المدرسة، وأصبحت دائمة التغيب والمرض، ودائمة الزيارة للأطباء، ونحن دائمو قراءة الأذكار والرقية. لكن هل أجعلها تترك العمل لأني أخاف عليها زيادة المرض؟ مع العلم أنها دائمة الاستخارة، وكلما تستخير وتذهب إلى العمل تمرض فورا.
ولكم الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لنا ولكم العافية والسلامة من شر كل ذي شر، ونفيدكم أنه ليس عندنا ما يجزم به في سبب ما ذكرت.

ولا شك أن العين حق، كما في حديث الصحيحين، ويشرع التحصن منها بالمواظبة على الأذكار والتعوذات المأثورة، ولا حرج عليكم في الرقية الشرعية منها، فإن الرقية تشرع لمن تؤكد من إصابته، وتشرع لمن يشك في إصابته، بل وتشرع لمن لم يصب، وذلك لدفع المكروه قبل وقوعه، وننصحكم بالبعد عن المشعوذين والدجالين، وأن ترقوا أنفسكم بأنفسكم، أو أن تبحثوا عن راق يعرف الرقية الشرعية ولا يستعمل غيرها.

ويشرع للمسلم التحفظ من العين بستر الإنسان ما قد يكون سببا لها، كما أخبر القرآن الكريم عن يعقوب عليه السلام، إذ أمر بنيه أن لا يدخلوا من باب واحد، كما في قوله تعالى: وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ {يوسف:67}.

قال العلماء: إن ذلك كان خوفاً عليهم من العين، وفي الحديث الشريف: استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود. رواه الطبراني وغيره وصححه الشيخ الألباني.

وينبغي لمن رأى من ولده ما يستحسن أن يدعو له بالبركة، ويقول: ما شاء الله، ويعوذه من العين بالمعوذتين، فقد أخرج أحمد والحاكم عن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يمنع أحدكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه وماله فليُبَرِّك عليه، فإن العين حق.

معنى فليُبَرِّك عليه: يدعو له بالبركة.

وعن عامر بن ربيعة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق. رواه النسائي في عمل اليوم والليلة، والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع.

وقال تعالى: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه { الكهف: 39}.

قال ابن كثير: قال بعض السلف: من أعجبه شيء من ماله أو ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. اهـ

وروى أبو يعلى في مسنده والبيهقي في الشعب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة من أهلٍ ومالٍ وولدٍ فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فيرى آفة دون الموت.

وإن كان النجاح في العمل سببا للعين فلا بأس بتركه بعد الاستخارة؛ لأن العمل في الأصل ليس واجبا ، ولكن قد يكون الأولى هو مواصلة العمل والتحصن بالأذكار والأدعية المأثورة، كأذكار وتعوذات الصباح والمساء، والالتزام بالطاعات، والبعد عن المعاصي، والحرص على ستر الأسباب التي يستفاد منها نجاح البنت في عملها.

وراجعي للفائدة الفتاوى التالية : 9708، 4310، 53790.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني