الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب تطهير الثياب التي أصابها مزيل العرق المحتوي على الكحول؟

السؤال

سمعت أن جميع العطور المستوردة من الخارج يوجد بها كحول، فهل هذا صحيح؟ وهناك من يقول: إن جميع العطور التي على هيئة بخاخ توجد بها كحول، فهل هذا صحيح؟ وسمعت أيضًا أن الكحول المحرمة هي الإيثانول فقط والكحول، أما البقية مثل: البروبانول، وغيرها: فلا تعد كحولًا، فهل هذا صحيح؟ وقد كنت أستعمل مزيل عرق فيه كحول دون علمي بنجاسة الكحول، فهل يجب علي الآن أن أغسل جميع الملابس التي كنت أغسلها مع الملابس المحتوية على مزيل العرق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالسؤالان الأولان يرجع فيهما إلى أهل الخبرة المتخصصين، كالصيادلة، والكيميائيين! وكذلك السؤال عما عدا الكحول الإيثيلي ـ الإيثانول ـ وهل هو مسكر أم لا؟ فإننا لم نستطع الجزم بذلك، لأن ما اطلعنا عليه في هذا المجال وجدناه متعارضًا كما نبهنا عليه في الفتوى رقم: 156733.

وأما بالنسبة لمسألة طهارة الثياب التي أصابها مزيل العرق المحتوي على الكحول، والثياب التي غسلت معها: فالأمر فيها هين، ولا يحتاج إلى إعادة غسل! لأن الكحول أصلًا سائل طيار لا يدوم، ثم إن بقي له أثر في الثوب، فإنه يطهر إذا غسل بالماء ولو كان يسيرًا، ما لم يتغير به لون الماء، أو طعمه، أو ريحه، وهذا هو مذهب المالكية، واختاره جماعة من المحققين، قال ابن القيم في إغاثة اللهفان: الذى دلت عليه سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وآثار أصحابه: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وإن كان يسيرًا، وهذا قول أهل المدينة، وجمهور السلف، وأكثر أهل الحديث، وبه أفتى عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، والأوزاعي، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبد الرحمن بن مهدي، واختاره ابن المنذر، وبه قال أهل الظاهر، ونص عليه أحمد في إحدى روايتيه، واختاره جماعة من أصحابنا، منهم ابن عقيل في مفرداته، وشيخنا أبو العباس ـ يعني ابن تيمية ـ وشيخه ابن أبي عمر. اهـ. ثم ذكر أدلة السنة على ذلك.

وقال في إعلام الموقعين: القياس يقتضي أن الماء إذا لاقى نجاسة لا ينجس، كما أنه إذا لاقاها حال الإزالة لا ينجس، فهذا القياس أصح من ذلك القياس، لأن النجاسة تزول بالماء حسًّا وشرعًا، وذلك معلوم بالضرورة من الدين بالنص، والإجماع.

وأما تنجيس الماء بالملاقاة فمورد نزاع، فكيف يجعل مورد النزاع حجة على مواقع الإجماع؟ والقياس يقتضي رد موارد النزاع إلى مواقع الإجماع، وأيضًا فالذي تقتضيه العقول أن الماء إذا لم تغيره النجاسة لا ينجس، فإنه باق على أصل خلقته، وهو طيب، فيدخل في قوله: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث {الأعراف: 157}وهذا هو القياس في المائعات جميعها إذا وقع فيها نجاسة، فاستحالت بحيث لم يظهر لها لون، ولا طعم، ولا ريح. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني