الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إنكار المنكر على من يتحرشون بالنساء في وسائل المواصلات

السؤال

عمري حوالي 27 عاما، وكنت راكبا في وسائل المواصلات العامة، ووجدت رجلا عمره حوالي 55 عاما يحتك بمؤخرة امرأة من الخلف، ويتعمد ذلك، فاستغفرت الله عز وجل، ونزلت من الأتوبيس، ولكنني ندمت وتمنيت في داخلي أنني ضربت هذا الرجل ضربا مبرحا، وقلت له أما تستحيي من الله، أو من الناس لو نظروا إليك، واكتشفوا ما تفعل، فهل أنا على صواب فيما فعلت؟ أم ماذا علي أن أفعل إن وجدت مثل هذه المواقف حيث تحدث كثيرا؟ وأحيانا تكون المرأة معجبة بذلك مما يجعلني في إحراج شديد أن أتصرف. كما أنني وجدت شخصين قبل ذلك يقولان لبعضهما إن المصلحة واحدة، ولا نريد أحدا فينا أن يرخم على الآخر، وكأنهما وجدا فريسة، فما هذا الذي يحدث؟ ومن السبب في ذلك؟ وما دوري أنا؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تقدم الكلام على حكم ركوب المواصلات المختلطة والتلاصق بين الرجال والنساء في الفتوى رقم: 242083، وإحالاتها.

وهذه المنكرات المشينة التي ذكرتها في سؤالك، الأصل وجوب إنكارها، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.

ولا يسقط إنكارها باليد واللسان إلا لخوف من ضرر محقق أو وقوع منكر أكبر، فوجوب الإنكار تراعى فيه القدرة وكذا المصلحة والمفسدة، قال الشيخ زكريا في أسنى المطالب: والإنكار للمنكر أخذا من الخبر السابق يكون باليد, فإن عجز فباللسان، فعليه أن يغيره بكل وجه أمكنه، ولا يكفي الوعظ لمن أمكنه إزالته باليد، ولا كراهة القلب لمن قدر على النهي باللسان، ويرفق في التغيير بمن يخاف شره، وبالجاهل، فإن ذلك أدعى إلى قبول قوله وإزالة المنكر، ويستعين عليه بغيره إن لم يخف فتنة من إظهار سلاح وحرب ولم يمكنه الاستقلال، فإن عجز عنه رفع ذلك إلى الوالي، فإن عجز عنه أنكره بقلبه. اهـ
وفي مجموع الفتاوى: إلا أن القدرة الشرعية هي التي يحصل بها الفعل من غير مضرة راجحة.... ليس المعتبر في الشرع القدرة التي يمكن وجود الفعل بها على أي وجه كان، بل لابد أن تكون المكنة خالية عن مضرة راجحة بل أو مكافئة. اهـ من مجموع فتاوى ابن تيمية بتصرف.

وجاء في البهجة في شرح التحفة: لأن تغيير المنكر إن أدى إلى منكر أعظم منه سقط الأمر عنه. انتهى.

ثم إن كنت غير قادر على الإنكار باللسان، فإن من مقتضيات الإنكار بالقلب اعتزال أماكن المنكر عند الاستطاعة، وانظر الفتوى رقم: 1048.

فإن كان بإمكانك نهي هؤلاء عن المنكر، وتهاونت في ذلك، فيجب عليك التوبة والندم على تقصيرك في الإنكار الواجب، والعزم على عدم التهاون في ذلك مستقبلا طالما توافرت القدرة الشرعية على ذلك، هذا مع أهمية تحري الأسلوب الحكيم في ذلك، ومراعاة آداب الإنكار وشروطه، وانظر لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 17092، 26058، 13288.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني