الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجعل المرء ثواب قرباته لنفسه أم يُشرك فيها الأموات من أقربائه

السؤال

والدي متوفى، وأنا وإخوتي نقوم ـ والحمد الله ـ بالصدقات والدعاء له بشكل مستمر، فهل يجوز أن تكون نية مافعلناه وسوف نفعله بإذن الله من كفالة يتيم وصدقات للفقراء وتوزيع كتب ومياه على المصلين ثوابها لي ولوالدي؟ أم تخصيص الصدقة وهبة ثوابها لوالدي أفضل من أن أهبها لي ولوالدي ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، فكل ما أريده هو الثواب وزياده حسناتي كذلك ويكون لي مثل كل شخص دعوت له.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أجبناك في الفتوى رقم: 251440، عن سؤال لك مماثل لهذا السؤال، لكن سؤالك السابق كان خاصا بما إذا كان يجوز كفالة يتيم وجعل ثوابها لك ولوالدك، أم أن ذلك لا يجوز وأنه لا بد أن يكون والدك قبل وفاته كفل يتيما.

وسؤالك الجديد قلت فيه أن تكون نية ما فعلناه وسوف نفعله بإذن الله من كفالة يتيم وصدقات للفقراء وتوزيع كتب ومياه على المصلين ثوابها لي ولوالدي، وأضفت في سؤالك الجديد قولك: أم تخصيص الصدقة وهبتها لوالدي أفضل من أن أهبها لي ولوالدي ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات... فكل ما أريده هو الثواب وزيادة حسناتي كذلك ويكون لي مثل كل شخص دعوت له ـ فلم نجد بين السؤالين ما يستحق أن يجاب عنه إجابة جديدة غير ما سألت عنه من المفاضلة، ولذا فسنقتصر في جوابنا على هذا الجانب، فنقول: إننا لم نقف على شيء من السنة أو كلام لأهل العلم فيما سألت عنه من المفاضلة، والذي وقفنا عليه من ذلك هو ما روى النسائي وغيره عن ابن عباس: أن سعدا سأل النبي صلى الله عليه وسلم إن أمي ماتت ولم توص أفأتصدق عنها؟ قال نعم. صححه الألباني.

وجاء في فتاوى نور على الدرب لابن باز ـ رحمه الله ـ في إجابة على سائل يقول: والدي توفي، وأريد أن أعرف ما هي الأعمال التي يصل ثوابها إليه، وهل قراءة القرآن إذا كانت نيته للميت يذهب الأجر إليه، وكذلك العمرة؟ أفيدونا أفادكم الله ـ ج: الميت في حاجة إلى الدعاء والصدقة، وأحسن ما يفعل مع الميت الدعاء له بظهر الغيب، الدعاء له والترحم عليه، وسؤال الله سبحانه أن يغفر له، ويتغمده بالرحمة، وأن يعفو عنه، ويرفع درجاته في الجنة، ونحو هذا من الدعاء الطيب والصدقة، كذلك بالنقود وبالطعام وبالملابس وبغير هذا من أنواع المال، كل هذا ينفع الميت، وهكذا الحج عنه، وهكذا العمرة عنه، كل هذا ينفع الميت، وإن كان عليه دين وجب البدار بقضائه من ماله إن كان له مال، وإن كان ما له مال شرع لأوليائه وذريته وقراباته أن يوفوا عنه، الوفاء عنه من أعظم الصدقات عليه، كل هذا مطلوب... إلى آخر جوابه.

وذكر بعض أهل العلم أن الأولى للمرء أن يجعل ثواب قرباته لنفسه، ثم يكثر من الدعاء لميته والاستغفار له ولجميع موتى المسلمين، وأن هذا هو المعروف عن السلف، قال شيخ الإسلام رحمه الله: ولم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعا أو صاموا تطوعا أو حجوا تطوعا أو قرؤوا القرآن يهدون ثواب ذلك إلى أموات المسلمين، فلا ينبغي العدول عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل. انتهى.

ولم يختلف العلماء في أن الدعاء والصدقة ينتفع الميت بهما ويصله ثوابهما، واختلفوا فيما سوى ذلك من الأعمال، فراجعي لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 186613، بعنوان: أقوال العلماء في وصول ثواب الأعمال الصالحة المهداة للأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني