الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه.

السؤال

لدي زميل في العمل طرح علي سؤالا، أنا شاب ملتزم لكن في يوم من الأيام وفي حالة ضعف الإيمان وقعت في الزنا وبعد ذلك تبت إلى الله توبة نصوحاً لكن الشيطان ظل يوسوس لي بأنني من أصحاب النار، فبماذا سوف أجيبه وشهر رمضان على الأبواب، وحالتي النفسية متدهورة ؟ وجزاكم الله خيراً....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا شك أن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب التي رتب الله عليها العقوبة في الدنيا والآخرة، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:68، 69].
وغير ذلك من الآيات في وعيد الله تعالى لمرتكب هذه الفاحشة.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث الرؤيا الطويل: ...فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نار، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة... فقلت من هذا .. إلى أن أخبروه قائلين: فإنهم الزناة والزواني... رواه البخاري.
وغير ذلك من الأحاديث في بيان وعيد الله تعالى في الزناة والزواني.
لكن الذي ينبغي أن يُعلم أن هذا الوعيد لا يلحق التائب، وهذا واضح في قوله تعالى: وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:68- 70].
وقال تعالى: :قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53].
وقوله تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114].
فالوعيد ينتفي عن الشخص إما بتوبة وإما بحسنات يفعلها تكافئ سيئاته، وإما بمصائب يكفِّر الله بها خطاياه كما في الحديث: ما يصيب المؤمن من نصبٍ ولا وصبٍ ولا همٍ ولا غمٍ ولا حزنٍ ولا أذىً حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه. رواه البخاري ومسلم.
فالمقصود أن العبد إذا أذنب ثم تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه وغفر له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عائشة رضي الله عنها: ...وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه. رواه البخاري.
فلا مجال بعد هذا الذي نقلناه من نصوص الكتاب والسنة لليأس والقنوط، ليستبشر التائب بهذا الترحاب الغامر والأمل الواسع الأكيد، وليدع عنه وساوس الشيطان، فإنه إما أن يقنطه من رحمة الله أو يأمنه من مكر الله، وكلا الأمرين يحرمان العبد من الوصول إلى الله تعالى.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني