الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في عمل المرأة واختلاطها بالرجال وتكليمهم والنظر إليهم

السؤال

تزوجت منذ فترة، ووافقت على عمل زوجتي؛ لأنها ترى فيه حياة لها، ولا تستطيع تركه. وترى ‏أنها تريد أن تضع بصمة في الحياة، وأن عملها ضروري جداً لها، مع العلم أن راتبي يكفي ‏بفضل الله لسد احتياجاتنا، وأنا لا أريد ظلمها، ولكني أريد أن أقي نفسي، وأهلي ناراً وقودها ‏السموات والأرض، بأن نعرف الحق ونتبعه، ونعرف الباطل، ونتناهى عنه.
والآن أشعر بالغيرة الشديدة التي تفسد علي حياتي، وتحيلها من السعادة إلى الشقاء، والحزن، ‏والهم، والعذاب، مع العلم أني أثق في زوجتي تمام الثقة، وأكملها. وغيرتي عليها خوفاً عليها، لا خوفاً منها.
زوجتي منتقبة، وملتزمة بالزي الشرعي تماماً، ولكن عملها مليء بالاختلاط مع الرجال، فالمجال غالبيته رجال. هي تعمل مبرمجة في مكان 90% ممن فيه رجال، والمجال كله كذلك.
أريد أن أسأل عن بعض الأشياء، فإن كانت محرمة أمنعها منها، وإن كانت غير ذلك أتركها ‏على ما هي عليه.
وأرجو الإجابة عليها وحدها؛ لأن الإجابة العامة، والإشارة إلى الفتاوى الأخرى ‏أشعر أنها لغير حالتي، ولا أستطيع تطبيقها على جميع المواقف:‏
‏1-تحتاج زوجتي إلى الجلوس في اجتماعات لمناقشة أفكار، أو حل مشاكل، أو مناقشة مشروع، ‏وتكون اجتماعات مطولة، وقد يكون الاجتماع بينها وبين رجلين أو أكثر من زملائها، ولا ‏يحتوي على أي امرأة أخرى، ويطول النقاش بينهم في العمل.
‏2-قد يحتاج مديرها في العمل إلى التحدث معها هاتفياً، ليسأل عن شيء في العمل، وقد تحتاج أن ‏تحدثه لتسأل عن شيء في العمل، أو لأخذ إذن، أو إجازة.
‏3-قد يفتح موضوع عام لا علاقة له بالعمل، ولكنه في صورة اجتماع، ويتحدث الجميع، ويبدي ‏كل شخص رأيه، وهي تبدي رأيها.
‏4-أحياناً تقود فريق عمل كله رجال، مكون من رجلين أو ثلاثة، وتكون هناك محادثات كثيرة، ‏ونقاشات مطولة، ومناقشة للأفكار بينهم في العمل فقط، وتحتاج لأخذ أرقام هواتفهم لتطمئن ‏على أشياء في العمل، وتدير الفريق.
‏5-قد يقول أحد زملائها وفي وسط الحديث في العمل شيئا مضحكا، فيضحك الجميع، ‏وتضحك هي لا إراديا بصوت غير عالي.
‏6-عندما يشرح لها أحدهم فكرة، أو يسألها عن شيء ينظر إليها ليفهمها، وتنظر هي إليه ‏بشكل مباشر لتفهم منه!
وعندما تشرح شيئا، أو توضح فكرة ينظر إليها الجميع. وعندما ‏يشرح أحدهم شيئا تنظر إليه لتفهم ما يقوله.
لا أدري هل يجوز للمرأة أن تنظر في عين ‏الرجل لتفهم منه أم لا!‏
‏7-يناديها زملاؤها باسمها مباشرة بدون ألقاب، وتناديهم بأسمائهم بدون ألقاب. فهل يجوز ‏ذلك؟
‏8-عندما تمرض، إذا تجاوز أحدهم وقال لها: "سلامتك" هل ترد عليه، أم يعتبر ذلك خروجا ‏عن المباح، ولا يندرج تحت الضرورة القصوى؟
‏9-إذا توفي قريب أحد، وجميع من في العمل يعزونه. هل يجوز لها أن تقول له: " البقاء لله ‏يا فلان؟"‏
‏10-عندما تدخل المكتب تقول: "السلام عليكم" لجميع الموجودين بدون ذكر أسمائهم، أو ‏تخصيص السلام لأحد، ولكن تدخل حجرة المدير لتقول له السلام عليكم ليعلم ميعاد حضورها، ‏وهناك مكتب لمدير آخر ليس من المهم أن تخبره ميعاد حضورها.
فهل يجوز أن تلقي السلام ‏عليه؟
‏11-قد تكون متواجدة في فرح لزميلتها، وزملاؤها موجودون.
فهل يجوز أن تذهب وأنا معها ‏لألقي السلام عليهم؛ لأني أعرفهم، ولتلقي هي أيضاً السلام عليهم؟
‏12-قد تحتاج للجلوس في اجتماع مغلق مع رجلين، أو ثلاثة (مديرون) لمناقشة مشكلة ما، وقد ‏يطول الاجتماع إلى أكثر من ساعتين.
‏13-قد يكون أحدهم في مكتبه وحده، وتدخل لتسأله عن شيء، أو تناقش معه شيئا في العمل، ‏والباب مفتوح طبعاً.
وأرجو منكم الدعاء لي بالرحمة.
وإذا كانت هناك كتب، أو مراجع في فقه عمل المرأة، وضوابطه بالتفصيل مهما كان صعباً، أو ‏كبيراً. أرجو الإشارة إليه لأقرأه.
جزاكم الله خيري الدنيا، والآخرة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فسنجيب على هذه الأسئلة التي أوردتها في نقاط، وقد نجمل بعضها في نقطة واحدة؛ لوجود شيء من التشابه في هذه الأسئلة. فنقول بحول الله وقوته:

النقطة الأولى: عمل المرأة على وجه العموم جائز، وفقا لضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم: 522 ، والفتوى رقم: 3859.

النقطة الثانية: الاختلاط منه الجائز، ومنه الممنوع؛ ولمعرفة تفصيل ذلك راجع الفتوى رقم: 116673. وكذلك الحال بالنسبة للخلوة المحرمة، فلها ضابط معين بينه الفقهاء، وهو مضمن في الفتوى رقم: 239545. وراجع في حكم خلوة الرجل والرجلين بالمرأة الفتوى رقم: 123242.

النقطة الثالثة: تجوز محادثة المرأة للرجل الأجنبي عنها للحاجة، وبقدر هذه الحاجة، مع التزام الضوابط الشرعية من عدم اللين في القول ونحو ذلك، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 21582 ، وفيها أيضا بيان حكم إلقاء الرجل السلام على المرأة، أو العكس. ومجرد المناداة بالاسم بين الجنسين لا حرج فيها.
النقطة الرابعة: لا يجوز للرجل النظر إلى المرأة إلا لحاجة؛ وراجع الفتوى رقم: 236803 وفي حكم نظر المرأة إلى الرجل خلاف سبق توضيحه في الفتوى رقم: 121346 ، والفتوى رقم: 7997.

وفي الختام إذا خشيت زوجتك على نفسها الفتنة، وجب عليها ترك العمل، ووجب عليك منعها صيانة لها عن أسباب الفتنة؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}. وروى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ. متفق عليه.

هذا بالإضافة إلى أن ذلك من مقتضى القوامة عليها؛ قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ {النساء:34}.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد.. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني