الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، السؤال يقول:ما الفرق بين الخوف من الله و الخوف من المخلوقات وكيف نوفق بينهما؟ أرجوا الإجابة على هذا السؤال بأسرع وقت ممكن.وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإننا أولاً نلفت انتباه السائل إلى أن الخوف من حيث هو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- خوف السر: وهو أن يخاف الإنسان من غيره أن يصيبه بما يشاء من مرض أو فقر أوأي مصيبة بقدرته ومشيئته.
2-أن يخاف الإنسان من غيره، حتى يترك ما أوجبه الله عليه من جهاد أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو غير ذلك.
3- الخوف من عدو أو سبع أو غرق أو هدم، أو نحو ذلك من أسباب الهلاك أو الأذى الظاهرة وهو ما يسمى بالخوف الطبيعي.
إذا تقرر هذا فإن الخوف من المخلوقات إذا كان من النوع الأول فهو شرك، لأن ذلك النوع من الخوف من لوازم الإلهية، فلا يجوز تعلقه بغير الله أصلاً. وهذا هو الذي كان المشركون يعتقدونه في آلهتهم وأصنامهم، فكانوا يخوفون بها أولياء الله، يقول الله عز وجل حاكياً عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في رده على الكفار لما خوفوه بآلهتهم: ( ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً أفلا تتذكرون* وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون). [الأنعام: 81،82].
وإذا كان الخوف من المخلوقات من النوع الثاني فهو محرم، وهو الذي نزلت فيه الآية (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) [ البقرة: 176]. وورد فيه الحديث: "إن الله تبارك وتعالى يقول للعبد يوم القيامة: ما منعك إذا رأيت المنكر أن لا تغيره؟ فيقول: يا رب خشيت الناس، فيقول: إياي كنت أحق أن تخشى" رواه أحمد.
أما إذا كان الخوف من المخلوقات من النوع الثالث فهذ واقع طبعاً إذ هو أمر جبلي خارج عن إرادة الإنسان، ولا يذم شرعاً، وهو الذي ذكره الله عز وجل عن موسى عليه الصلاة والسلام في قوله:( فخرج منها خائفاً يترقب ) [القصص: 22]. وفي قوله تعالى: (ففررت منكم لما خفتكم ) [الشعراء: 21].
وبهذا التقسيم للخوف يتبين أنه لا منافاة ولا تعارض بين الخوف من الله وبين الخوف من المخلوقات، إذ الخوف من الله عز وجل من أفضل مقامات الدين ومن أجلها، وقد وصف الله به في كتابه العزيز الملائكة والأنبياء والصالحين فقال: ( يخافون ربهم من فوقهم ) [النحل:51] وقال:( وهم من خشية ربهم مشفقون ) [الأنبياء: 29] وقال: ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحد إلا الله ) [الأحزاب: 40]. أما الخوف من المخلوقات فهو دائر بين الشرك بالله والمعصية كما قد قدمنا، إذا لم يكن من الخوف الطبيعي الجبلي.
والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني