الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استخدام الجن في الأعمال المباحة.. رؤية شرعية

السؤال

لي صديق استفتاني في نازلة: أنه يوجد في بيته آثار؛ لأن المنطقة أثرية، وسبق العثور على آثار فيها، المهم هو أنه ليس على علم شرعي كاف، فعن طريق شخص آخر تعرف على أحد الذين يتعاملون مع الجن لاستخراج الكنوز، وبالفعل تقريبا حدد له المكان، ولكن التحديد الدقيق سيكون عندما يبدأ في خطوات استخراج الكنز، ثم بعد أن قرأ صديقي هذا علم أن التعامل مع هؤلاء محرم شرعا، ولكنه وجد أيضا فتاوى لشيخ الاسلام لابن تيمية ولابن عثيمين يبيح فيها استخدام الجن فيما ليس محرما كجلب مال مثلا، ومن ثم طلب من العراف هذا أن يخبره هل يتنازل عن شيء من دينه للتقرب لهذا الجن، أو يرتكب أية محرمات؟ فرفض أن يفصح له عن طريقة تعامله مع الجن، ولكنه أخبره أنه يتعامل فقط مع الأشياء الحلال كالذهب مثلا و يترك ما هو محرم مثل التماثيل، وأنه عليه إخراج الخمس لأنه ركاز، وأنه لا يستخدم تعامله مع الجن فيما هو محرم أو إلحاق أذى بأحد مثلا.
فاشترط عليه صديقي أنه إذا أتى لاستخراج هذا الكنز لن يقوم بأي شيء محرم كالذبح أو النذر أو التعبد أو طلب أي شيء محرم إذا أتى إلى بيته فأخبره هذا العراف أنه لن يفعل شيئا محرما، فاتفقا مبدئيا على هذا، ولكن صديقي متخوف من الأمر كله أن يكون فيه شبهة حرام؛ حيث أنه يريد أن يكون رزقه حلالا، وأن مال الدنيا لن يغنيه ما دام فيه حرام.
فهل يكمل أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم من أن استخدام الإنس للجن يكون مباحا في الأمور المباحة، كإحضار ماله، أو دلالته على ما ليس له مالك معصوم، أو دفع من يؤذيه: إنما يكون في حال حصول ذلك دون محظور شرعي! وهذا أمر نادر، فإن الغالب على من يستخدمون الجن ويتعاملون معه أنهم بعيدون عن الهدى، كذابون دجالون، ويتعاطون السحر ويتعاملون به، كما سبق أن نبهنا عليه في ختام الفتوى رقم: 5701.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: هناك من يحضر الجن بطلاسم يقولها، ويجعلهم يخرجون له كنوزا مدفونة في أرض القرية منذ زمن بعيد، فما حكم هذا العمل؟ فأجاب: هذا العمل ليس بجائز؛ فإن هذه الطلاسم التي يحضرون بها الجن ويستخدمونهم بها لا تخلو من شرك ـ في الغالب ـ والشرك أمره خطير؛ قال الله تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}، والذي يذهب إليهم يغريهم ويغرهم، يغريهم بأنفسهم وأنهم على حق، ويغرهم بما يعطيهم من الأموال. فالواجب مقاطعة هؤلاء، وأن يدع الإنسان الذهاب إليهم، وأن يحذر إخوانه المسلمين من الذهاب إليهم، والغالب في أمثال هؤلاء أنهم يحتالون على الناس ويبتزون أموالهم بغير حق ... اهـ. وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 20476، 71038، 125198، 208036.
وننبه أخيرا إلى أن المنع من استخدام الجن ولو في الأعمال المباحة، إنما هو من باب سد الذرائع، واعتبارا بالغالب، وإلا فإننا لا ننكر إمكانية حصول ذلك دون ارتكاب للمحرمات، وقد سأل الدكتور أحمد القاضي الشيخ ابن عثيمين عن حكم حل السحر عن المسحور باستخدام الجن؟ فأجاب: يجوز؛ لأنه لا يلزم أن يكون الاستخدام على وجه شركي. ولكننا لا نفتي بذلك لأنه يترتب عليه مفسدة وهي: أن يقبل الناس على تعلم ذلك، وقد قال الله: وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ {البقرة:102}، وللشيخ عبد الرحمن الدوسري ـ رحمه الله ـ في تفسيره كلام على جواز ذلك أخذاً من هذه الآية. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني