الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ركل الماء.. رؤية شرعية أدبية

السؤال

يقوم بعض الطلاب في المدرسة بشرب نصف قوارير مياه الصحة ويدحرجون النصف الثاني بأقدامهم كالكرة يلعبون بها، فهل هذا فيه امتهان لهذه النعمة العظيمة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد دلت السنة على جواز التمازح بشيء من يسير من الطعام، ونحو ذلك، وانظر الفتوى رقم: 244528.

وأما اللعب بالماء كما في الصورة المذكورة: ففيه نوع من امتهان نعمة الله، وتضييع للمال، جاء في كشاف القناع: ويكره أن يستبذله ـ أي الخبز ـ لقوله: أكرموا الخبز، فلا يمسح يده ولا السكين به، أي بالخبز، ولا يضعه تحت القصعة ولا تحت المملحة ـ أي آنية الملح ـ لأنه استبذال له، بل يوضع الملح وحده على الخبز، لأنه لا استبذال فيه. انتهى.

وبين أن ركل الماء أكثر استبذالا من مسح السكين أو اليد بالخبز، وجاء في المحيط البرهاني من كتب الحنفية: ومن الإسراف التمسح بالخبز عند الفراغ من الطعام من غير أن يأكل ما يتمسح به، لأن غيره يستقذره، فلا يأكله، فأما إذا أكل ما يتمسح به، فلا بأس، ومن الإسراف إذا سقط من يده لقمة أن يتركها، بل ينبغي أن يبدأ بتلك اللقمة، لأن في تركها استخفافا بالخبز، ونحن أمرنا بإكرام الخبز، قال عليه السلام: أكرموا الخبز، فإنها من بركات السماء والأرض. انتهى.

وإذا كان ترك اللقمة استخفافا، فكيف بركل الماء بالقدم، وانظر الفتوى رقم: 215425.

وسئل الشيخ شهاب الدين بن حجر رضي الله عنه: هل قال أحد من المسلمين بجواز إهانة الخبز، وما سقط منه من اللباب؟ وبجواز وطئه بالأقدام؟ وما يجب على فاعل ذلك؟ وهل يجوز إلقاؤه في الأرض؟ وما قيل في تعظيمه: عَظِّمُوا الخُبْزَ، فَإِنَّهُ مَا أَهَانَهُ قَوْمٌ إِلاَّ ابْتَلاَهُمُ اللهُ بالجُوعِ؟ وهل هذا الحديث صحيح؟ وهل ما قيل: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم تسليمًا دخل على سيّدتنا عائشة، فوجد كسرة ملقاة في الأرض، فأخذها، وقبّلها، ووضعها على رأسه، ثمّ قال: يَا عَائِشَةُ! أَجلِّي نِعَمَ اللهِ، فَإِنَّهَا قَلَّ مَا نَفَرَتْ عَنْ قَوْمٍ وعَادَتْ إِلَيْهِمْ؟ وهل هذا حديث أم لا؟ فأجاب بما نصّه: لا أعلم أحدًا من العلماء قال بجواز إهانة الخبز، كإلقائه تحت الأرجل، وطرح ما تناثر منه في المزبلة مثلاً أو نحو ذلك، ولا نصّ أحد من العلماء على المبالغة في إكرامه، كتقبيله مثلاً، بل نصّ أحمد ـ رضي الله عنه ـ على كراهة تقبيله، ومع عدم القائل بجواز الإهانة فيضاف إلى من أهانه استلزام ارتكاب عموم النهي عن إضاعة المال، فيمنع من طرحه تحت الأرجل، لأنّ الغير قد يتقذّر بعد ذلك، فيمتنع من أكله، مع الاحتياج إليه...... وبالجملة لا ينبغي مع ورود هذه الأحاديث إهانة الخبز احتياطًا، ولا تعظيمه، وأمّا بأن يجعل فوق الرأس أو يقبّل، فلا يشرع، والله سبحانه أعلم بالصّواب. انتهى.

وحديث: أكرموا الخبز ـ رواه الحاكم والبيهقي، وحسنه السيوطي والألباني.

ولذلك، فالظاهر تحريم ركل باقي الماء، لما فيه من الإسراف، وإضاعة المال، وامتهان النعمة، وانظر الفتوى رقم: 19105.

وانظر بخصوص الإسراف الفتوى رقم: 63504.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني