الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حجج أهل العلم في شأن التفضيل في الهبة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمالمشكلة هي أن لنا أب له أسرتان الأولى تتكون من أربعة أفراد بنتان وولدان والأسرة الثانية تتكون من ستة أفراد ثلاث بنات وثلاثة ذكور ومشكلتنا هي أن الأب مقيم مع الأسرة الثانية مند أربعين سنة أي منذ أن أقتسموا كل ما هو موجود الآن ويقول الأب إن الأسرة الأولى ليست لديها حق مع الأسرة الثانية ويقول أنه سيثبت ذلك بأوراق رسمية والأولاد من الأسرة الأولى يطالبون بحقهم علماً أنا الابن الثاني بدون زواج والبقية منهم متزوجون فبماذا تفتون إخواني بارك الله فيكم. وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإننا لم نفهم المراد من السؤال على وجه الدقة ومع ذلك نقول:
لا يجوز للأب أن يفضل بعض أولاده على بعض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: إني لا أشهد على جور.
قال النعمان: فرجع أبي فرد تلك الصدقة.
وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال: أتى بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً، فقال: أكل بنيك نحلت؟ قال: لا، قال: فاردده.
وقد اختلف العلماء في من فضل بعض أولاده على بعض هل ينفذ تصرفه أو يكون باطلا؟ على قولين:
الأول: أن هذا التصرف باطل، وبه قال الحنابلة، قال الخرقي: إذا فاضل بين ولده في العطية، أمر برده، وبه قال أهل الظاهر، وحجتهم ظاهر النصوص المتقدمة.
الثاني: يصح تصرفه، وبه قال الجمهور من الأحناف والمالكية والشافعية، واحتجوا بأن أبا بكر رضي الله عنه، نحل عائشة ابنته جذاذ عشرين وسقا، دون سائر ولده. رواه البيهقي. وبقول النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث النعمان بن بشير: أشهد على هذا غيري.
فأمره بتأكيدها دون الرجوع فيها.
والقول الأول هو الصحيح الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه جوراً، وما كان جوراً فهو باطل لا يجوز، ولأمره صلى الله عليه وسلم بالرد، والرد ظاهر في الفسخ، كما قال عليه السلام: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم أي مردود مفسوخ.
وقوله: أشهد على هذا غيري. ليس إذنا في الإشهاد وإنما هو زجر، لأنه عليه السلام قد سماه جوراً، وامتنع من الشهادة فيه، فلا يمكن أن يشهد أحد من المسلمين في ذلك بوجه. وأما فعل أبي بكر فلا يعارض به قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولعله قد يكون نحل أولاده نحلا يعادل ذلك.
ثم إنه ينشأ عن ذلك العقوق الذي هو أكبر الكبائر، وذلك محرم، وما يؤدي إلى المحرم فهو ممنوع، وهذا كله ظاهر قوي، وترجيح جلي في المنع، فيجب على والدك أن يسوي بين أولاده من الأسرتين، بأحد أمرين: إما برد ما فضل به البعض، وإما بإتمام نصيب الآخرين.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني