الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل كمرشد سياحي وحكم أخذ أجرة زائدة لقاء ذلك

السؤال

أعمل مرشداً سياحياً، عملي هو أن أشرح للسياح المعابد، موظف الشركة ألزمني بشرح بعض الزيارات لكي يشتريها السياح، حيث أنني أعلم ما في هذه المناطق، العرف السائد أن لي نسبة في هذا الربح، ولكنه رفض أن يعطيني منه شيئاً، ويريد أن يكسب المال هو وموظفو الشركة بمفردهم، فقمت بإضافة جزء من المال لي على السعر الأصلي كنظير أجر وكتحمل المسئوليه عن المال الذي أقوم بجمعه، نظراً لأنني أقضي وقتا في هذا العمل، وهذا دون المساس بماله، فما حكم الشرع في هذا المال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن كان ما ألزمك به موظف الشركة داخلاً ضمن عملك الذي تعاقدت معهم عليه وتتقاضى عليه راتباً فلا يحق لك أن تتقاضى أجراً إضافياً عليه ولو كان العرف بخلاف ذلك، لأن الأصل في العقود أنها ملزمة لعاقديها ما دامت خالية من المحاذير الشرعية، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم. رواه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 6716.
أما إذا كان هذا العمل خارجاً عن إطار عملك وما تعاقدت عليه، فلك أن تطالبهم بأجر عليه ولك أن تمتنع حتى يؤدوه لك، أما أن تضيف من تلقاء نفسك أجراً لك على السلعة أ و السلع التي وكلوك في بيعها بسعر معين فلا يجوز لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من أئتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الترمذي
واعلم -وفقك الله- أن العمل السياحي لا يخلو -في الغالب- من محاذير شرعية عديدة، لذا يجب أن تتنبه إلى ما يجوز وما لا يجوز منه، وراجع لذلك فتوى رقم:
6554.
ونضيف هنا أن عملك في دلالة السائحين على المعابد وما فيها من أوثان وأصنام كانت تعبد من دون الله لا يجوز لعدة وجوه:
الوجه الأول: أن ذلك لا يخلو من الإنعاش والترويج لأديان وثنية، الأصل إمانتها وعدم نشرها وربما اغتر بها بعض هؤلاء السائحين كما هو معلوم من ولعهم بكل ما هو جديد عليهم، وخطورة ذلك والمنع منه يظهر بالوجه الثاني.
والوجه الثاني: أن في ذلك مضادة لمقصود الشريعة الإسلامية، حيث إن من المقاصد العظيمة لشريعتنا الغراء دعوة الناس إلى التوحيد كما قال الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108].
ولا شك أن تناول أديان المشركين بالشرح أمام هؤلاء مع الإحجام عن بيان التوحيد والدعوة إليه استبدال للمأمور بالمحذور فهو مضادة صريحة لأمر الله.
الوجه الثالث: أن كثيرا من هذه المعابد تحتوي على قبور مشركين يعذبون فيها ومنهم من كان قد أهلك بعذاب شامل، فلا يجوز الدخول إليها، إلا على جهة الاتعاظ والاعتبار.. وهذا ما يكاد يكون معدوماً في العمل السياحي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين لا يصيبكم ما أصابهم. متفق عليه
إذا تقرر هذا فأنصح السائل الكريم أن يتحرى بعمله ما هو جائز وأن يدع ما هو حرام ولو كان يدر عليه كثيراً من المال، قال الله تعالى: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:100].
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني