الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دفع لها خطيبها مهرا كبيرا وتخشى البطر ومحق البركة

السؤال

السؤال:
أنا فتاة تقدم لي شاب مقتدر، ووضعه المادي ممتاز -ولله الحمد-، وأخلاقه طيبة -بإذن الله-، ومن عادتنا أن لا نحدد مهرًا، ونترك الأمر للشاب وأهله، وقد قدم لي مهرًا فوق ما كنت أريده، وكنت حريصة على تقليل مهري؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أقلكن مهرًا أكثركن بركة" حتى لو حصل في المهر تقصير، كنت سأرضى، لكني تفاجأت بالمبلغ، مع العلم أنه مقتدر.
فهل عليّ أو عليه شيء؟
هذا الموضوع يقلقني منذ فترة طويلة، وأخشى أن يكون هذا من البطر، والتضييق عليه، وسببًا لعدم البركة.
دعواتكم لي، وله بالتوفيق، والسعادة، والستر، وسائر المسلمين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرًا على حرصك على تقليل المهر، ولا شيء عليكم، أو عليه -إن شاء الله-؛ فلا حرج على الرجل في دفع مبلغ كبير، فقد بيّنّا بالفتويين: 115797، 122714 أنه لا حد لأكثر المهر.

وقد بيّنّا بالفتوى رقم: 121959 أنه إذا كان المهر في حدود المتعارف عليه لأمثال المرأة، فلا كراهة في ذلك، ولا يكون في معنى المغالاة المكروهة في الشرع.
وليس في هذا بطر، وطالما عرض هو؛ فواضح أنه ليس تضييقًا عليه، وقد دلت السنة على أن قلة المهر سبب لكثرة البركة، ولم تُنف البركة عن النكاح ذي المهر الكبير؛ إلا أنه أقل بركة من الأول.

فلذلك؛ الأولى بك أن تعرضي عليه تقليل المهر طلبًا لمزيد البركة.

قال المناوي في فيض القدير في شرح حديث: خير النكاح أيسره: أي: أقله مؤونة، وأسهله إجابة للخطبة؛ بمعنى: أن ذلك يكون مما أذن فيه، وعلامة الإذن التيسير، ويستدل بذلك على يمن المرأة، وعدم شؤمها؛ لأن النكاح مندوب إليه جملة، ويجب في حالة، فينبغي الدخول فيه بيسر، وخفة مؤونة؛ لأنه ألفة بين الزوجين، فيقصد منه الخفة، فإذا تيسر عمت بركته، ومن يسره: خفة صداقها، وترك المغالاة فيه، وكذا جميع متعلقات النكاح من وليمة ونحوها. انتهى.

وانظري للفائدة الفتوى رقم: 106282.

ويمكنك أن تردي له جزءاً من المهر بعد الزواج -إن كان وليك قد يعترض على تقليل المهر-؛ فذلك أحظى لك عنده، وأدوم للعشرة، فإن المهر الكبير قد يؤدي إلى بغض الرجل للمرأة؛ روى ابن ماجه عن أبي العجفاء السلمي، قال: قال عمر بن الخطاب: لا تغالوا صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، كان أولاكم وأحقكم بها محمد صلى الله عليه وسلم، ما أصدق امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته، أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليثقل صدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه، ويقول: قد كلفت إليك علق القربة، أو عرق القربة" وكنت رجلًا عربيًّا مولدًا، ما أدري ما علق القربة، أو عرق القربة؟ قال الألباني: حسن صحيح.

قال محمد عبد الغني الحنفي في إنجاح الحاجة: ... وَالْمرَاد: لَا تكثروا صدقَات النِّسَاء؛ فَإِنَّهَا: الضَّمِير للمغالاة، قَوْله: حَتَّى يكون لَهَا عَدَاوَة؛ أَي: للْمَرْأَة عَدَاوَة فِي نَفسه، أَي: فِي نفس الزَّوْج؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَدَاء الْمهْر لكثرته، وَالْمَرْأَة تطلبه مِنْهُ، وَيعْتَذر الرجل بِأَنِّي قد تعبت لَك مثل علق الْقرْبَة .... أَي: تحملت لأهلك كل شَيْء حَتَّى علق الْقرْبَة، وَيُقَال فِي أَمر يُوجد فِيهِ كلفة ومشقة، كَذَا فِي الْمجمع. انتهى.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 141741.

وننصحك بمراجعة الاستشارة رقم: 271983 من قسم الاستشارات من موقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني