الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفتح على الإمام بين الوجوب والاستحباب

السؤال

متى يصحح للإمام في الصلاة عند الخطأ في القراءة؟ هل إذا تغير المعنى فقط؟ أم عند نسيان آية أو جزء من آية؟ وماذا إذا بدل حرفا مكان حرف كإبدال الفاء واوا أو الخطأ في التشكيل؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تصحيح المأموم للإمام إذا أخطأ والفتح عليه إذا توقف مشروع عند أكثر العلماء لما رواه أبو داود وابن حبان وغيرهما عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه فلما انصرف قال لأبي أصليت معنا، قال نعم، قال فما منعك أن تفتح علي. وقال الحافظ: قد صح عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: قال عليّ : إذا استطعمك الإمام فأطعمه.
والتصحيح للإمام قد يكون واجبا، وقد يكون مستحبا؛ فيصحّح المأموم له وجوبا إذا كان الخطأ في القراءة الواجبة ـ الفاتحة ـ خطأ تبطل الصلاة بتعمده؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ قال ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع: فأما الفتحُ الواجب، فهو الفتح عليه فيما يُبطل الصَّلاة تعمُّده،... فلو لَحَنَ لَحْناً يُحيل المعنى في الفاتحة لوجب الفتحُ عليه؛ لأن اللَّحْنَ المحيل للمعنى في الفاتحة مبطلٌ للصَّلاةِ، مثل لو قال الإمام: (أهدنا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيم * صِرَاطَ للَّذِينَ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِمْ) فيجب الفتح فيقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *} {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، ولو قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لوجب الفتح عليه؛ لأنه أسقط آية، وإذا أسقط آية من الفاتحة بطلت صلاتُه، فصار الفتح على الإمام فيما يبطل الصلاة تعمُّده واجباً. اهـ
وإن كان الخطأ فيما لا يبطل الصلاة كالخطأ في غير الفاتحة أو في الفاتحة بما لا يحيل المعنى فيستحب التصحيح له، قال ابن تيمية في الفتاوى: أَمَّا اللَّحْنُ فِي الْفَاتِحَةِ الَّذِي لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى فَتَصِحُّ صَلَاةُ صَاحِبِهِ، إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا. اهـ

وعلى ذلك فالواجب إصلاحه للإمام هو إسقاط آية أو حرف من الفاتحة أو ما يفسد المعنى منها: كضم التاء من "أنعمت"، أما تغيير الشكل الذي لا يفسد المعنى كفتح النون من "الرحمن" أو "الرحيم" أو الإسقاط من غير الفاتحة؛ فهذا يستحب إصلاحه ولا يجب.
وانظر الفتوى رقم: 18936، والفتوى رقم: 173419، وإحالاتها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني