الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ضفيرة ما يسمى (كُورْن رُووس) للرجال وأثرها على صحة الوضوء والغسل

السؤال

أخ إفريقي مولود في ألمانيا، وأسلم منذ ما يقارب الثلاث سنوات يسأل عن حكم ضفيرة 'كُورْنْ رُووسْ' التي كان يسرح شعره على طريقتها قبل إسلامه.
من فضلكم اطلعوا على صور هذه التسريحة الخاصة بالرجال، وذلك بالبحث عن الكلمة التالية 'كُورْنْ رُووسْ مَانْ (أي خاصة بالرجال)' في الجوجل بالحروف اللاتينية، لأن الخانة المخصصة للأسئلة الفقهية لا تقبل الحروف اللاتينية.
- كثير من مشاهير الكفار (سواء كانوا رجالا أو نساء) يسرحون شعورهم على هذه الطريقة.
- هل يصل الماء إلى كل الشعرات عند الغسل؟
- ماذا عن مسح الشعر عند الوضوء؟
- هل تدخل هذه التسريحة في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلَا أَكُفَّ ثَوْبًا وَلَا شَعْرًا) متفق عليه.
وجزاكم الله خيرًا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بيّنّا في الفتوى رقم: 251563 جواز ضفر الشعر للرجال، وهذا في العموم.

أما بخصوص الضفيرة المذكورة: فإن كان فيها تشبه بالكفار فإنها لا تجوز لأجل ذلك، وضابط الأمر في هذا أن تكون مما يختصون به، بحيث يظن من رآها أن صاحبها منهم، وقد سبق التنبيه على هذا في الفتاوى التالية أرقامها: 3310، 56757، 48765.

وعلى كل حال؛ فيظهر أنها داخلة في الحديث الذي أشار إليه السائل، والذي فيه النهي عن عقص الشعر في الصلاة، وبالتالي؛ يكره أن يصلي المرء بها.

جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على كراهة عقص الشعر في الصلاة. والعقص هو شد ضفيرة الشعر حول الرأس كما تفعله النساء أو يجمع الشعر فيعقد في مؤخرة الرأس. وهو مكروه كراهة تنزيه؛ فلو صلى كذلك فصلاته صحيحة. اهـ. وراجع الفتوى رقم: 172619.

وصاحب الضفائر لا يجب عليه نقضها في الوضوء حيث يكفيه أن يمسح عليها، وأما في الغسل: فإن كان الماء يصل للشعر والبشرة فلا يجب أيضًا نقضها، ويكفيه أن يغسل شعره حتى يستوعبه بالماء كله، ويصل الماء إلى باطنه وأصوله، كما جاء في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك فتطهرين. رواه مسلم، وأصحاب السنن،

وإن كان لا يصل معه إليهما فلا بد من نقضه، قال الشيرازي في المهذب: [فإن كان لها ضفائر فإن كان يصل الماء إليها من غير نقض لم يلزمها نقضها؛ لأن أم سلمة -رضي الله عنها- (قالت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للغسل من الجنابة؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي عليك الماء، فإذا أنت قد طهرت) وإن لم يصل الماء إليها إلا بنقضها لزمها نقضها؛ لأن إيصال الماء إلى الشعر والبشرة واجب]. اهـ.

وعلق عليه النووي بقوله: .. فهذا الذي ذكره المصنف من الفرق بين وصول الماء بغير نقض وعدم وصوله متفق عليه عندنا، وبه قال جمهور العلماء، وحملوا حديث أم سلمة على أنه كان يصل بغير نقض، ودليله ما ذكره المصنف أن الواجب إيصال الماء، فكان الاعتبار به. اهـ.

وهكذا إن وجد أي شيء يحول دون وصول الماء للبشرة فلا بد من إزالته بخلاف ما لا يمنع من وصول الماء؛ قال ابن قدامة في المغني: إلا أن يكون في رأسها حشو أو سدر يمنع وصول الماء إلى ما تحته، فيجب إزالته، وإن كان خفيفًا لا يمنع لم يجب، والرجل والمرأة في هذا سواء، وإنما اختصت المرأة بالذكر؛ لأن العادة اختصاصها بكثرة الشعر وتوفيره وتطويله. اهـ.

وراجع الفتويين:35140، 51426.

ولا نعلم ما إذا كان الماء يصل إلى كل الشعر في مثل هذا النوع من الضفائر، فينبغي للسائل أن يتأكد من ذلك بنفسه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني