الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخالفة رغبة الوالد في زواج امرأة معينة ليس عقوقا

السؤال

الموضوع: عن الزواج
هناك شخص يهمني حصل معه الآتي:
قد فرض عليه والده أن يتزوج بابنة عمه بحجة أنها قريبته، وأبوها متعلم ومرتاح ماديا وهي متعلمة، ولكن هذا الشاب رفضها ولم تعجبه، فقال له والده: إن هذا الزواج يجب أن يتم لأنه وصية جدته (أم والده) وأنه سيغضب عليه في حال قرر الزواج من غيرها، وأنه لن يسعى ويقابل أهل البنت التي سيختارها فيما بعد، مع العلم بأن والده من أهل الدين وملازم للصلاة وقراء القران والحج والعمرة إلخ
فما حكم تلك الوصية؟
وهل يجوز غضب الوالد على ابنه في حال تزوج غير الذي أرادها له؟
وأطلب منكم طريقا حتى نستطيع مخاطبة والده بحكم ديني شرعي يجعله يغير رأيه في مسألة اختيار بنت أخرى غير التي اختارها له حتى يلين قلبه؛ لأنه لا رادع للمسلم إلا دينه.
آسف على الإطالة.
جزاكم الله ألف خير على جهودكم، ورزقكم الجنة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فوصية الجدة بتزويج حفيدها من ابنة عمّه غير لازمة، وانظر الفتوى رقم: 259294.
ولا حقّ للوالد في إجبار ولده على الزواج بمن لا يرغبها، ومخالفة الولد له في هذا الأمر ليست من العقوق، قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: لَيْسَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَلَدَ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ، وَأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ لَا يَكُونُ عَاقًّا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَكْلِ مَا يَنْفِرُ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَكْلِ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ كَانَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى؛ فَإِنَّ أَكْلَ الْمَكْرُوهِ مَرَارَة سَاعَةً وَعِشْرَةَ الْمَكْرُوهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى طُولٍ يُؤْذِي صَاحِبَهُ كَذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ فِرَاقُهُ. مجموع الفتاوى - (32 /30).
فبينوا ذلك للوالد وأطلعوه على كلام أهل العلم بهذا الخصوص، وحبذا لو وسطتم بعض الصالحين ليكلمه في ذلك، فإن أصر الوالد على تزويج ولده من ابنة عمّه ولم يكن على الولد ضرر في ذلك فالأولى أن يتزوجها، وإلا فلا حرج عليه في الزواج بغيرها.
وعلى أية حال فإن على الولد أن يبر أباه ويحسن إليه، فإنّ حقّ الأب عظيم وبره من أفضل القربات، فعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني