الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء لا ينافي الرضا بالقدر

السؤال

أنا متزوجة، وليس لي أولاد. وأود أن أحيطكم علما، أنني أصبت بمرض بعد سنة من زواجي، استدعى اتباع العلاج لمدة 5 سنوات، الشيء الذي مُنع معه الحمل؛ نظرا للتأثيرات الجانبية للدواء. أنا حاليا في السنة 4 من العلاج.
سؤالي هو: هل يجوز لي دعاء الله عز وجل ليرزقني بالأولاد، أم قد يعتبر دعائي عدم رضا بقضاء الله وابتلائه؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء العاجل، والولد الصالح، ولتعلمي أن دعاء الله -عز وجل- لا يتنافى مع الرضى بقضائه، فقد يصبر المرء على القضاء، ويرضى به، ويدعو الله أن يشفيه، ويرزقه حاجته، فيجمع بين الصبر والدعاء؛ فقد قص الله تعالى علينا من أخبار بعض أنبيائه لنقتدي بهم؛ ففي قصة إبراهيم وزوجته، وزكريا وزوجته، أن كلا منهما دعا الله تعالى أن يرزقه الولد بعد ما كان شيخا كبيرا، وامرأته عجوزا ولم يرزق الولد؛ فكان إبراهيم يدعو الله تعالى ويقول: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ {الصافات:100}. ويقول زكريا: رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ {الأنبياء:89}. فاستجاب الله تعالى دعاءهما، ورزقهما الولد؛ فالمذموم إنما هو تسخط العبد، وعدم رضاه بالقضاء.
ولذلك فإن أنجع علاج للمرض، وأقرب وسيلة للحصول على الولد: أن يتوجه المسلم إلى الله تعالى بصدق، ويسأله حاجته، وكشف ما به من ضر، فقد قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}، وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60}، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186}.

فأكثري من الدعاء في أوقات الإجابة، ولا تقنطي، ولا تعجلي؛ فإن الله يجيب دعوة العبد ما لم يستعجل، كما جاء في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجب لي، فيستحسر، ويدع الدعاء.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني