الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإعانة على قطيعة الرحم معصية

السؤال

لي أخت شقيقة تكرهني، وتهجرني، ولا تريد وصلي، ولا تريدني أن أصلها، فلا تلقي عليّ السلام، ولا تبتسم في وجهي، ولا تنظر إليّ، وإذا صادفتها فكأني غير موجود، وإذا صافحتها ملقيًا التحية والسلام تمد يدها، وتسحبها سريعًا، وغالبًا ما تصد وتنزوي في حجرتها إذا علمت بوجودي، ولا تركب معي في سيارة واحدة، وأمي تؤيدها، وتساعدها على ذلك، فمع أنها تعلم أنها لا تريد الصلة، ومع أنها تعلم أن قطيعة ذوي الرحم من كبائر الذنوب، وأن البغضاء هي الحالقة، إلا أنها قالت لي: لا تصلها، فهناك أرحام غيرها، فصلهم، ودعها، وإذا سألتها: أين أختي؟ تقول لي: وماذا تريد منها؟، وإذا كانت أمي تريد أن تخرج خارج البيت، ومعها أختي، فإنها تخرج مع أحد إخواني؛ موافقة لأختي، وإقرارًا لها، وإذا كلمتها في ذلك غضبت، وقالت: إن في صلتك لأختك مفسدة، وتقصد بالمفسدة أن أختي إذا وصلتها سوف تقابل وصلي بالإساءة، كضربها لي، أو إهانتها إياي، ورفع الصوت في البيت، وقد يتبع ذلك غضبي، وارتفاع صوتي، وواضح جدًّا أن أمي لا تريد تغيير هذا المنكر، فرغم أني أعلن أني ملتزم بالصلة، وأني لا أكره أختي، ولا أحقد عليها، وأن كل ما بدر منها تجاهي، فهي في حلٍّ منه يوم القيامة، وأن أختي تصرح بكرهي، وتصرح بأنها تريد القطيعة، إلا أن أمي تبدي رضاها عنها، بل وتوددها إليها، بل إني أراها تخافها، وتخاف غضبها، وقد قلت لأمي: إن إعانتها لأختي على القطيعة من كبائر الذنوب، وقلت لها: إنه واجب عليها هجر أختي حتى تعود إلى الصلة، وأن رضاها عنها، وعدم سخطها إقرار للقطيعة، وإغراء بالاستمرار فيها، فما الحكم الشرعي في موقف أمي تجاه القطيعة الحاصلة؟ وهل الإعانة على القطيعة والفرقة بيني وبين أختي من كبائر الذنوب؟ وهل يجب على أمي هجر أختي لتعود إلى الصلة، وأن تظهر لها سخطها، واستياءها من القطيعة؟ وبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد بينا ما يجب عليك حيال أختك في الفتوى رقم: 290314.

والواجب على أمك أن تسعى للصلح بينكما، وقطع ما بينكما من مشكلات؛ لأن الله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ {الأنفال:1}، وراجع الفتوى رقم: 67096.

ويحرم عليها أن تتسبب في القطيعة بينكما، فهذا من التعاون على قطيعة الرحم، والقطيعة كبيرة؛ فيخشى أن يكون الإعانة عليها كذلك، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 106468، 23737.

أما هجرها لأختك فلا يشرع إلا إذا غلب على ظنها أن فيه مصلحة راجحة، وأن القطيعة لن تزول إلا بذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 298006.

وليس لك أن تتهم والدتك بأفعال محتملة؛ فلعل والدتك ترى أن أختك مريضة، أو لها عذر، أو أن الصلة قد تضرها، فالتمس لها العذر، وننصحك أن تحاول أن تسألها عن السبب الحقيقي، وتعالجه، فالغالب أن هناك سببًا خفيًّا حملها على ذلك، وراجع قسم الاستشارات من موقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني