الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طهارة صاحبة الحدث الدائم إذا كان غير منتظم

السؤال

أنا ـ والحمد لله على كل حال ـ مصابة بكثرة الريح، وانفلاتها، وقرأت في فتوى أنه إذا كان لا يوجد وقت يتسع للصلاة على طهارة، فإن حكمي كحكم صاحب السلس، على شرط أن لا يكون هناك وقت آخر تنقطع فيه الريح، وقد أخذت بذلك الحكم على الرغم من المشقة في الوضوء لكل صلاة بعد دخول الوقت عندما أكون خارج المنزل، وقرأت أيضًا في الفتوى أنه يجب أن أنتظر وقتًا تنقطع فيه هذه الريح، وإلا تكون الصلاة باطلة؛ لأنها على طهارة غير صحيحة، فأحيانًا أفعل ذلك بعد انتظاري وقتًا طويلًا، وفي ذلك الوقت يكون بالي مشغولًا بالصلاة، فلا أستطيع النوم، ولا المذاكرة، ولا الخروج من المنزل، ولا فعل أي شيء، وأنتظر إلى آخر الوقت وأذهب للصلاة، فيخرج مني ريح أيضًا، وأحيانًا أنتظر ولا يخرج، فكيف أضمن أنني عندما أنتظر وقتًا طويلًا أو قصيرًا لن تخرج مني الريح مرة أخرى؛ فأنا لا أعلم زمنًا محددًا لخروجها؟ وهل يجوز الأخذ بحكم السلس، حتى وإن لم تخرج مني ريح طوال الصلاة، فأحيانًا أقوم بأداء الصلاة كاملة دون أن تخرج مني ريح إطلاقًا، فأقول حينئذ: إذن أنا لست مصابة بالسلس؛ لأن الريح توقفت وقتًا يتسع للصلاة، فلن آخذ بهذا الحكم، وفي الصلوات التالية سوف أخرج من الصلاة عندما تخرج مني ريح، ولكن تخرج مني ريح بعدها، فأخرج من الصلاة وأعيد الوضوء مرارًا وتكرارًا حتى أستطيع أداء صلاة دون خروج ريح، ولكن ذلك الأمر فيه مشقة كبيرة، حيث تستغرق مني الصلاة الواحدة أكثر من ساعة في بعض الأحيان؛ لأنني أتوضأ ثم أصلي، وأخرج في الركعة الأخيرة مثلًا عندما أحدث، فأتوضأ ثانيةً، وثالثةً... ولا أستطيع اللحاق بالجماعة، ولا بحلقات العلم، ولا المحاضرات.... فهل حكمي كحكم صاحب السلس في كل وقت، حتى وإن انقطعت الريح لعدة ساعات؟ وهل أنتظر وقتًا للانقطاع أم أصلي في الحال؟ وبالنسبة لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا ـ تفسيره هو أن يحصل له اليقين بخروج الريح، ولا يشترط السماع، ولا الشم إجماعًا، قال النووي ـ رحمه الله: وقوله صلى الله عليه وسلم: حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا ـ معناه: يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع، والشم بإجماع المسلمين ـ وهذا التفسير قرأته على موقع الفتاوى أيضًا، فسبّب لي حيرة من أمري؛ لأنني لا أعرف كيف تخرج مني ريح بالضبط؟ وما هو الشعور الذي أشعره كي أتيقن من خروجها، حتى وإن لم أسمع صوتًا، أو أجد ريحًا؟ كما أنه أشار موقع استشارات إسلام ويب إلى أن الموسوس يأخذ بهذا الحكم بأن لا يخرج إلا عند سماع الصوت، أو وجود الريح، وكانت ذلك الاستشارة للشيخ أحمد الفودعي، وهذا هو رابط الفتوى:
http://ar.islamway.net/fatwa/42091/ وسواس خروج الريح والغازات من البطن، وكذلك الشيخ محمد العريفي في مقاطع على اليوتيوب، وكذلك الشيخ الشنقيطي، فهل يمكن أن آخذ بهذا الحكم للتيسير؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فههنا أمران:

أولهما: أنك إن كنت تشكين في خروج الريح، فالأصل عدم خروجه، ولا تحكمي بأنه قد خرج منك الريح إلا إذا حصل لك بذلك اليقين الجازم الذي تستطيعين أن تحلفي عليه، وإذا كان شعورك بخروج الريح مجرد شك، فلا تلتفتي إليه، ولا تعيريه أي اهتمام، خاصة أنك مصابة بالوسوسة، كما هو واضح، وانظري لبيان كيفية علاج الوساوس الفتوى رقم: 51601

والأمر الثاني: وهو أنه على تقدير صحة ما ذكرت، وأن الريح يخرج منك مضطربًا، أي غير منتظم، فحكمك- والحال هذه- حكم صاحب السلس، تتوضئين لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلين بهذا الوضوء ما شئت من الفروض والنوافل حتى يخرج ذلك الوقت، وقد بينا أن المصاب بالحدث الدائم إن كان حدثه ينقطع تارة، ولا ينقطع أخرى، ويتقدم وقت انقطاعه تارة، ويتأخر أخرى، فحكمه حكم صاحب السلس يتوضأ لكل صلاة، وذلك في الفتوى رقم: 136434، فانظريها.

وبهذا الذي قررناه يزول عنك كل إشكال، ويرتفع الحرج إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني