الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التحايل على القوانين التي تضر بمصالح الناس

السؤال

إذا كان هناك نظام في إحدى البلدان الإسلامية يتضرر منه الكثير من الناس، ويتجاهل مصالحهم، فهل يجب اتباعه أو دفع مبلغ من المال لأحد من الناس لكي يدفع ضرره؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يتضح لنا مراد السائل بشكل واف، وعلى أية حال فاتباع القوانين الإدارية وطاعة ولي الأمر في تقييد المباح إنما تجب إذا تعينت فيه المصلحة أو غلبت، عملاً بالقاعدة الفقهية التي تقول: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة. وأما ما ليس فيه مصلحة عامة، فلا يجب امتثاله إلا ظاهرا لخوف الفتنة والضرر، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 125687، ورقم: 137746.

وحيث لم تجب الطاعة ووقع على المرء بسبب ذلك ظلم أو ضرر، جاز له أن يترخص ببذل شيء من ماله لمن يرفع عنه الظلم أو يدفع عنه الضرر، فإن الرشوة المحرمة هي التي تبذل لإبطال حق، أو إحقاق باطل، أو يتوصل بها المرء إلى ما ليس بحقه، وأما ما تعين سبيلًا يتوصل به المرء إلى حقه، أو يدفع به ظلمًا أو ضررًا عن نفسه، فإنه جائز عند جمهور العلماء، ويكون الإثم عندئذ على الآخذ دون المعطي، روى عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن، وعن إبراهيم النخعي: ما أعطيت من مالك مصانعة على مالك ودمك، فأنت فيه مأجور. اهـ.

وروى ابن أبي شيبة، وابن سعد، والفسوي، والبيهقي البَلَاذُري عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه: أنه لما أتى أرض الحبشة أخذ بشيء فتعلق به, فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. اهـ.

وذكر ذلك الخطابي في معالم السنن، ثم قال: وروي عن الحسن، والشعبي، وجابر بن زيد، وعطاء أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه، وماله إذا خاف الظلم. اهـ.

وقال ابن حزم في المحلى: لا تحل الرشوة، وهي ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل، أو ليولى ولاية، أو ليظلم له إنسان فهذا يأثم المعطي والآخذ، فأما من منع من حقه فأعطى ليدفع عن نفسه الظلم، فذلك مباح للمعطي، وأما الآخذ فآثم. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: قال العلماء: إن من أهدى هدية لولي أمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حرامًا على المهدي والمهدى إليه، وهذه من الرشوة التي قال فيها النبي: لعن الله الراشي، والمرتشي... فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه، أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حرامًا على الآخذ، وجاز للدافع أن يدفعها. اهـ.

وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 139455، 135694، 253246، 18038، 134651.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني