الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعريف البدعة والغلو والفرق بينهما

السؤال

ما هو الفرق بين البدعة والغلو والعياذ بالله؟ ومتى نقول إن هذا بدعة وهذا غلو؟ نرجو جزاكم الله خيرا أن تذكرو أمثلة عليها كالتي نفعلها في حياتنا اليومية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الفرق بين البدعة والغلو يتضح إذا رجعنا إلى معنى كل واحد منهما في الاصطلاح الشرعي، ولذلك نورد كلام أهل العلم في هذا الخصوص، قال الحافظ في الفتح مبينا معنى كل منهما: وأما الغلو: فهو المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحد، وفيه معنى التعمق، يقال: غلا في الشيء يغلو غلوا، وغلا السعر يغلو غلاء إذا جاوز العادة، والسهم يغلو غلوا بفتح ثم سكون إذا بلغ غاية ما يرمى، وورد النهي عنه صريحا فيما أخرجه النسائي وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق أبي العالية، عن ابن عباس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا في حصى الرمي وفيه: وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين ـ وأما البدع: فهو جمع بدعة وهي كل شيء ليس له مثال تقدم، فيشمل لغة ما يحمد ويذم، ويختص في عرف أهل الشرع بما يذم، وإن وردت في المحمود فعلى معناها اللغوي. اهـ.

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري: قوله: والغلو، بضم الغين المعجمة واللام وتشديد الواو وهو التجاوز في الحد قاله الكرماني، قلت: الغلو فوق التعمق وهو من غلا في الشيء يغلو غلوا، وغلا في السعر يغلو غلاء، وورد النهي عنه صريحا فيما أخرجه النسائي وابن ماجه والحاكم من طريق أبي العالية عن ابن عباس، قال: قال رسول الله، فذكر حديثا وفيه: وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين ـ وهو مثل البحث في الربوبية حتى يحصل نزغة من نزغات الشيطان فيؤدي إلى الخروج عن الحق، والذين غلوا في الفكرة آل بهم الأمر إلى أن جعلوا آلهة ثلاثة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، قوله: والبدع جمع بدعة، وهي ما لم يكن له أصل في الكتاب والسنة، وقيل: إظهار شيء لم يكن في عهد رسول الله ولا في زمن الصحابة، رضي الله تعالى عنهم. اهـ.

ومما تقدم يتضح أن الغلو ما هو إلا نوع من أنواع البدع، وأنها ـ أي البدع ـ أعم منه، فإنها تشمل كل محدث في الدين ليس له أصل في الكتاب أو السنة، سواء كان على وجه الغلو والتشدد أم لم يكن على ذلك الوجه، وبالتالي فإنه يصح إطلاق الغلو أو البدعة على المتشدد في الدين الغالي فيه، لكن لا يتناسب إطلاق الغلو على كل بدعة ليست من بابه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني