الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صحيح السنة لا يتعارض مع القرآن والإجابة عن شبهة خروج علي رضي الله عنه

السؤال

أنا أختكم من السودان، ناقشني شاب قرآني، وقال: إنه يصلي، لكنه لا يؤمن بالسنة، ويزعم في أن صحيح البخاري أحاديث تتناقض مع القرآن الكريم؛ من أجل ذلك هو لا يعمل، ولا يؤمن بالأحاديث -خاصة البخاري- وضرب لي مثالًا بحديث معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمس نساءه في حيضهن، أما في القرآن فقوله تعالى: "ولا تقربوهن حتى يطهرن"، فرددت عليه، لكن ردي غير كاف بالنسبة له ليقتنع، وهو في ذاته ناقشني في السياسة، ويرى أن الخروج على حاكمٍ ما خطأ، وضرب لي أمثلة من التاريخ، وقال: إن عليًّا خرج، وكذلك فرقة قرآنية أيضًا خرجت على الحاكم، وأموال ثانية لا يتذكرها، أرجو منكم حجة واضحة ومفصلة مع بيان المصادر، وشكرًا -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلعلك تقصدين أن هذا الرجل يزعم أنه لا يؤمن بالسنة النبوية، ولا يرى أنها حجة، وأنه يرى أن الحجة في القرآن فقط، فإذا كان حاله كذلك فهو على سبيل ضلالة، وقد سبقت لنا عدة فتاوى في الرد على مثله، فراجعي الفتوى رقم: 52104، والفتوى رقم: 199637.

واعلمي أن صحيح السنة لا يتعارض مع القرآن، كما نبهنا على ذلك في فتوانا رقم: 313126.

وإنما يأتي الأمر من باب سوء الفهم لهذا الرجل وأمثاله، وهو أمر لا انفكاك عنه لمن يترك سلوك طريق العلماء الربانيين، فهذا المثال الذي ذكره، والمتعلق بالنهي في القرآن عن قربان الحائض مقصود به تحريم الجماع، وأنه يجوز الاستمتاع بها فيما دون الفرج، فلا تعارض أصلًا بين الآية والحديث، وانظري للمزيد الفتوى رقم: 12662.

وما أحسن قول الشاعر:

وكم من عائب قولًا صحيحا * وآفته من الفهم السقيم.

وهذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.

وأما السؤال الثاني, ومسألة الخروج على الحاكم المسلم الظالم قد ناقشناها في الفتوى رقم: 216631، وبينا استقرار قول العلماء على القول بعدم الخروج عليه.

وخروج علي ـ رضي الله عنه ـ المذكور هنا إن كان المقصود به ما وقع من قتال في صفين، فلم يكن معاوية حينئذ خليفة حتى يقال إن عليًّا ـ رضي الله عنه ـ قد خرج عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومعاوية لم يدع الخلافة، ولم يبايع له بها حين قاتل عليًّا، ولم يقاتل على أنه خليفة، ولا أنه يستحق الخلافة ويقرون له بذلك، وقد كان معاوية يقر بذلك لمن سأله عنه، ولا كان معاوية وأصحابه يرون أن يبتدؤوا عليًّا وأصحابه بالقتال... اهـ. وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 247345.

وننبه إلى الحذر من محاورة أهل الباطل لمن لم يكن له قدم راسخة في العلم يستطيع به رد شبهاتهم، ويأمن به فتنتهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني