الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الانتقال من الصيام إلى الإطعام لمن عليه قضاء رمضان

السؤال

أنا رجل مبتلى بالذنوب علي صيام سنتين ونصف، هل أتصدق؟ ويصعب علي صيامهن.
هل يجوز لي التصدق؟ وعلي من الذنوب ما الله به عليم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤالك مسألتين:

المسألة الأولي: هي ما ذكرته من كثرة الذنوب, وهذا علاجه سهل لمن سهله الله عليه, فما عليك إلا أن تبادر بالتوبة الصادقة بشروطها المعروفة, وهي الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله, والعزم على عدم فعله مستقبلا, مخلصا لله في ذلك، مع رد المظالم لأصحابها إن كانت ذنوبك أو بعضها متعلقا بحقوق العباد، وراجع الفتوى رقم: 29785.

ونبشرك بأن الله يقبل توبة من جاءه نادما, قال تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ {التوبة:104}، وقال أيضا: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء:110}.

فالتوبة الصادقة تمحو أثر الذنب, بل إن التائب تبدل سيئاته حسنات، كما جاء في الكتاب العزيز، فبعد أن أن توعد الله جل جلاله مرتكبي الفواحش بالعذاب الأليم قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}.

فأحسن الظن بربك وارج رحمته، وإياك والقنوط من رحمة الله تعالي, فإنه ذنب كبير, كما قال تعالي : وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {سورة يوسف: 87}.

المسألة الثانية: هي ما ذكرت أنه عليك من الصيام, ولم تبين لنا كيف وجب هذا الصوم عليك لنوافقك في هذا الوجوب أو لا، ولكن لو وجب عليك الصوم، فالواجب عليك أن تصوم ما تبرأ به ذمتك, ولا يجزئك الانتقال إلى الإطعام إلا بالضوابط الشرعية المعروفة عند أهل العلم, والتي سبق بيانها في الفتوى رقم: 279337.

وفي حال جواز الإطعام بدلا عن الصيام, فأطعم عن كل يوم مسكينا, ولا علاقة بين الإطعام وبين ما ارتكبته من الذنوب؛ فما ذكرت أنه عليك من الذنوب لا يمنع الانتقال من الصيام إلى الإطعام إذا وجد شرط الانتقال.

ثم إننا ننبهك إلى أنك إن كنت قد أفطرت بالجماع عمدا, في نهار رمضان أنه تجب عليك الكفارة الكبرى مع القضاء، وأنك إذا كنت أخرت قضاء رمضان حتى دخل رمضان الموالي أن عليك مع القضاء كفارة صغرى هي إطعام مد لمسكين عن كل يوم، وانظر الفتوى رقم: 276439, عن حكم تعدد الكفارة بتكرر الجماع في عدة أيام من رمضان, كما يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 182199، حول لزوم كفارة تأخير قضاء رمضان.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني