الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على من تقع المسئولية في حالة تعدي المجنون؟

السؤال

ما حكم ما يرتكبه المجنون من أفعال..؟ وهل يحاسب عليها هو أم أهله؟ وعلى من تقع المسئولية في حال تعدى على أحد؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمجنون مرفوع عنه القلم ـ غير مكلف ـ فلا يحاسب على ما يرتكبه من أفعال مادام فاقدا لعقله، لأن من شروط التكليف: العقل، لما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ. صححه الألباني.

وأهله غير محاسبين بما عمل، إلا إذا فرطوا فيه وتركوه يؤذي الناس أو يؤذونه، جاء في الموسوعة الفقهية: يلزم على ولي المجنون والمجنونة تدبير شئونه ورعاية أموره بما فيه حظ المجنون، وبما يحقق مصلحته، فينفق عليه في كل حوائجه من ماله بالمعروف، ويداويه ويرعى صحته، ويقيده ويحجزه عن أن ينال الناس بالأذى أو ينالوه به إن خيف ذلك منه، صونا له، وحفظا للمجتمع من ضرره. اهـ

وما يقع منه من إتلاف لمال أو قتل.. فإنها مضمونة عليه لأصحابها، ولا يشترط في ضمانها التكليف، قال ابن عبد البر في الاستذكار: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَا جَنَاهُ الْمَجْنُونُ فِي حَالِ جُنُونِهِ هَدَرٌ وَأَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ فِي مَا يَجْنِي... وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْغُلَامَ وَالنَّائِمَ لَا يَسْقُطُ عنهما ما أتلفا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُمُ الْإِثْمُ، وَأَمَّا الْأَمْوَالُ: فَتُضْمَنُ بِالْخَطَأِ كَمَا تُضْمَنُ بِالْعَمْدِ... وَالْمَجْنُونُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِثْلُهُمَا. اهـ

وقال ابن قدامة في المغني: لَا حَدَّ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَإِنْ بَاشَرَا الْقَتْلَ وَأَخَذَا الْمَالَ، لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْحُدُودِ وَعَلَيْهِمَا ضَمَانُ مَا أَخَذَا مِنْ الْمَالِ فِي أَمْوَالِهِمَا، وَدِيَةُ قَتِيلِهِمَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني