الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب الإنفاق على الوالد وقضاء ديونه؟

السؤال

أبي يعمل في التجارة، وضاقت به الحال وغرق في الديون واضطر لشراء بضائع عن طريق الشيكات، وبذلك التزامه لدفع المبلغ للبنك، الأمر الذي جعله لا يستطيع التوقف عن العمل خشية الحبس والإضرار بصاحب الحساب البنكي، لا يوجد عمولات على الشيكات ويكتبها بطريقة صحيحة، السؤال هنا: أنا ابنه الأكبر وله 4 أبناء لا أحد يعمل غيري، والحمد لله راتبي جيد، وخلال فترة ثلاث سنوات لم أستطع ادخار مبلغٍ جيدٍ أمثال أصدقائي الذين تزوجوا ومنهم من أنجب أيضاً بحكم أنني أنفق على المنزل وأساعد أبي في تسديد الديون، ووصلت لمرحلة اليأس من الإنفاق لأنني لا أجد أي تحسن على مستوى عمل والدي بل تتراكم الديون أكثر فأكثر بحكم الوضع العام للبلد وقلة المال، في حال أنني قررت ادخار جزء أكبر من الراتب ومنعه عن أبي رغم أنه يحتاجه، هل هذا يوقعني في الحرام وعدم الإحسان إلى الوالدين؟ ماذا يمكنني أن أفعل؟ أعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجمهور على أن الوالد إذا كان في كفاية لم يلزم ولده إعطاءه شيئا من ماله، كما لا يلزمه قضاء ديونه إلا أن يتبرع بذلك إحساناً، وراجع الفتوى رقم: 104517، والفتوى رقم: 101301، والفتوى رقم: 39185

وبناء عليه فإن كان والدك غير محتاج فلا يجب عليك الإنفاق عليه، كما لا يلزمك قضاء ديونه.

أما إن كان محتاجا لا يجد ما ينفقه فتلزمك نفقته إجماعا، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال، سواء أكان الوالدان مسلمين أو كافرين، وسواء كان الفرع ذكرا أو أنثى، لقوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15} . اهـ

وإذا لم تكن نفقته واجبة عليك أو كانت واجبة وقمت بها حسب العرف فلا مانع بعد ذلك من أن تدخر ما شئت من مالك.

ولكن الأولى والأفضل لك الإحسان إلى والدك على كل حال ومساعدته في قضاء ديونه وحل مختلف مشاكله بما لا يجحف بك، مع الموازنة بين أمورك حتى يتحقق لك ما تبتغي إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني