الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس للربح حد ينتهى إليه في الشرع

السؤال

هل هناك قيمة محددة للأرباح هناك من يقول الزيادة لا تجوز أكثر من النصف، وهناك من يقول الربع، نرجو منكم الإفتاء في هذا الأمر أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الربح ليس له حد ينتهي إليه عند أهل العلم، وانظر الفتويين التاليتين: 108071 // 5393

ولعل ما أشرت إليه هو ما ذكره بعض أهل العلم من تفصيل في هذه المسألة حيث فرقوا بين ما إذا كان المشتري غير جاهل بقيمة المبيع في السوق وبين ما إذا كان جاهلا بها، قال محمد بن يوسف المواق المالكي في «التاج والإكليل لمختصر خليل»: "ابْنُ عَرَفَةَ: الْغَبْنُ فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ فَفِيهِ طُرُقٌ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا يُعْذَرُ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِيهِ إنْ كَانَ فِي بَيْعِ مُكَايَسَةٍ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: الْغَبْنُ فِي بَيْعِ الْمُسْتَسْلِمِ الْمُسْتَنْصِحِ يُوجِبُ لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارَ فِيهِ وَبَيْعُ غَيْرِهِ الْمَالِكِ مِنْ نَفْسِهِ لَا أَعْلَمُ فِي لُزُومِهِ خِلَافًا، وَلَوْ كَانَ بِأَضْعَافِ الْقِيمَةِ. وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ السِّلْعَةَ وَأَحَدُهُمَا يَعْرِفُ سُوقَهَا دُونَ الْآخَرِ، هَلْ لِمَنْ جَهِلَ السُّوقَ مِنْهُمَا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ مَقَالٌ؟ اهـ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: تَنَازَعَ الْبَغْدَادِيُّونَ فِي هَذَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَلَى قِيمَةِ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ بِنُقْصَانِ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ قَالَ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى مُدَّعِي الْجَهْلِ، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ اجْتَهَدَ لَهُ الْحَاكِمُ اهـ.

اُنْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فُتْيَا الْإِمَامِ الْمَازِرِيِّ قَالَ: حَكَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ لِلْمَغْبُونِ الرَّدُّ إذَا كَانَ فَاحِشًا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَغْبُونُ جَاهِلًا بِالْقِيَمِ.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: وَالصُّلْحُ فِي هَذَا أَمْثَلُ وَقَسْمُ الْغَبْنِ رَاجِعٌ لِتَعَارُضِ الظَّوَاهِرِ.

قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: وَنَزَلَ مِثْلُ هَذَا بِزَوْجَةِ شَيْخِنَا الْبَطْرُونِيِّ فَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِنَقْضِ بَيْعِهَا لِأَوْصَافٍ ذَكَرَهَا وَعَذَرَهَا مِنْ أَجْلِهَا.

قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ اهـ. وَبِنَحْوِ هَذَا أَفْتَى ابْنُ لُبٍّ وَضَمَّنَهُ ابْنُ عَاصِمٍ فَقَالَ:

ومن بغبن في مبيع قاما * فشرطه أن لا يجوز العاما

وأن يكون جاهلا بما صنع * والغبن بالثلث فما زاد وقع ." انتهى

وحاصل ما ذكره المحررون منهم أن الربح ليس له حد إلا في ما إذا كان المشتري يجهل القيمة واستأمن البائع واستنصحه، ففي هذه الحالة يرد البيع إذا تفاحش الربح، بأن بلغ الثلث فما فوق، وهذا هو الراجح. إن شاء الله.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني