الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز قول: لو فعلت كذا لما كان كذا؟

السؤال

سؤالي عن حكم قول: لو ـ ومدى أثر الأخذ بالأسباب، فمثلا: رجل احترق بيته، فجعل يقول لو أنني رجعت إلى البيت مبكرا قليلا لاستطعت إنقاذ الموقف، فهل يصح كلامه هذا؟ وهل يجوز أن يقول ذلك؟ وقد رأى أن الله كتب عليه أن يحترق منزله، وما دام الله قد كتب عليه هذا الأمر فهو لاقيه لا محالة، وقدومه مبكرا لن يؤثر شيئا، وهنا أسأل عن حكم قول: لو ـ على أمر فائت واعتقاد أنه إذا غير السبب كانت ستتغير النتيجة بإذن الله طبعا، كما يقول الراسب لو ذاكرت لكنت قد نجحت... وهكذا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى مفصلةً في حكم استعمال كلمة: لو ـ وأنها تكون جائزة في بعض المواطن، ومنهيا عنها في مواطن أخرى، وهذه الفتوى برقم: 145027، وما فيها يغني عن الإعادة.

والذي يمكن أن نضيفه هنا هو أن قول صاحب البيت الذي احترق: لو رجعت للبيت لما احترق ـ وقول من رسب في الامتحان: لو ذاكرت لما رسبت ـ هو من باب المنهي عنه في استعمال: لو ـ لأنه تلهف على أمر دنيوي فات ومضى وانقضى، والأخذ بالأسباب مطلوب شرعا، لكن الأسباب إنما تنفع صاحبها إذا لم يعارضها قدر الله تعالى، وقد قال الله تعالى ذاما المنافقين الذين قالوا بعد غزوة أحد: لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ـ فقال الله لهم: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ {آل عمران: 154}.

قال السعدي في تفسيره: قل لو كنتم في بيوتكم ـ التي هي أبعد شيء عن مظان القتل: لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ـ فالأسباب ـ وإن عظمت ـ إنما تنفع إذا لم يعارضها القدر والقضاء، فإذا عارضها القدر لم تنفع شيئا، بل لا بد أن يمضي الله ما كتب في اللوح المحفوظ من الموت والحياة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني