الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة أثر ابن عباس في أنه تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة

السؤال

ذكر أحدهم أثرا لابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال كلمة: أهل السنة، بعد قول الله: سماكم المسلمين، وبعد قول نبي الله: من دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثا جهنم، وإن زعم أنه مسلم.
لو سمحتم أريد تخريج هذا الأثر عن ابن عباس؟
وهل هو صدق عنه أم مكذوب عليه؟
وأريد قول علماء الحديث أمثال البخاري في رجال السند (يوم تبيض وجوه: هم أهل السنة) الأثر، وأريد أي مسند أو صحيح ذكره؟
وقال عمر الفاروق: اتهموا الرأي على الدين، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. فرجاء بينوا لي الأثر؛ لأتبين ديني.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأثر الذي روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- ذكر (أهل السنة) فيه -حسب بحثنا- : هو ما جاء عنه عند اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة -وغيره- من طريق علي بن قدامة, ثنا مجاشع بن عمرو, ثنا ميسرة بن عبد ربه, عن عبد الكريم الجزري, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس في قوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} [آل عمران: 106] فأما الذين ابيضت وجوههم: فأهل السنة والجماعة، وأولو العلم, وأما الذين اسودت وجوههم: فأهل البدع والضلالة. اهـ.

وقد حكم محقق الكتاب نشأت بن كمال، على إسناد هذا الأثر بقوله: كذب، موضوع، علي بن قدامة ضعيف، ومجاشع بن عمرو كان كذابا -كما قال ابن معين، وغيره- ، وميسر بن عبد ربه كذلك كذاب. اهـ.

وقال مشهور حسن في تحقيقه لإعلام الموقعين: إسناده ضعيف جدًا، إن لم يكن موضوعًا؛ ففيه علي بن قدامة ضعيف، وشيخه مجاشع بن عمرو اتهم بالكذب، وشيخه ميسرة مثله.

ثم إن المتأمل في هذا التفسير يجد فيه نكارة، وهي أنه مخالف لنص القرآن الكريم، فقد بيّن اللَّه تعالى لنا من هم الذين تبيض وجوههم، ومن الذين تسود وجوههم فقال: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 106]. اهـ.

وعلى كل حال: فهذا الأثر مشهور، وتداوله كثير من العلماء في كتبهم دون إنكار له، كابن تيمية في -مواضع كثيرة جدا-، وابن القيم، وابن كثير، والشاطبي، وغيرهم.

ونعتذر عن إجابة بقية أسئلتك؛ لأننا بيّنّا في خانة إدخال الأسئلة، أنه لا يسمح إلا بإرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك، وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال، سيتم الإجابة عن السؤال الأول منها، وإهمال بقية الأسئلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني