الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإجهاض سترا للفاحشة هو اعتداء على نفس بريئة

السؤال

أم وجدت ابنتها الشابة حاملاً حيث ادعت البنت أن خالها وضع لها مادة في العصير ثم فعل فعلته أخبرت الفتاة الخالة والجدة بالأمر وطلبت المساعدة بالمال لاجراء عملية الإجهاض أثناء العملية وجد أن الفتاة ما تزال بكراً ولدت الطبيبة الجنين حياً ثم حقنته بمادة أدت إلى وفاته الآن الخالة والجدة نادمتان على هذه المساعدة بعد أن أقسم الخال الشاب على المصحف ناكراً ادعاء الفتاة مع العلم أن الخالة والجدة قدمتا المساعدة على جهل من أمر الشرع في حال الإجهاض ولا يملكان المال لدفع الدية أو الكفارة ما هو حكم الشرع في الخالة والجدة لأنهما نادمتان جداً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن إسقاط الجنين بعد نفخ الروح محرم، إلا عند تحقق الخوف على حياة أمه وتحرم مساعدة الطبيب عليه، ويشتد الإثم إذا كان ذلك للستر على الفاحشة لما فيه من العون على الإثم، والاعتداء على نفس بريئة. وقد سبق بيان ذلك موضحاً في الفتاوى التالية أرقامها: 2385، 2016، 29566، 4686، 28671، 2208، 33297. ويجب على المشاركات في الإجهاض التوبة إلى الله تعالى والإكثار من العمل الصالح لقوله تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[المائدة:39]، ولقوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً[الفرقان:68 - 70]. ويجب على المشاركات في الإجهاض إعطاء دية الجنين، وهي دية كاملة إن كان سقط حيًّا أحرى إذا كان قد قتل بعد ما أسقط كما هو الحال في مسألة السؤال، وهذا إذا كان قد أسقط لسن يعيش الجنين فيها عادة، ولا ترث الأم من الدية للحديث: ليس للقاتل من الميراث شيء. رواه البيهقي والدارقطني وصححه الألباني. قال المقدسي في شرح العمدة و ابن قدامة في المغني: وإن سقط الجنين حيًّا ثم مات من الضربة ففيه دية كاملة إذا كان سقوطه لوقت يعيش في مثله. وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن في الجنين يسقط حيًّا من الضرب دية كاملة، وذلك لأنه مات من جنايته بعد ولادته، فكانت فيه دية كاملة كما لو قتله بعد وضعه. وقدَّر شارح العمدة المدة التي يعيش في مثلها عادة بستة أشهر فما فوق. وأما إذا كان أقل من ذلك ففيه غرة (عبد أو أمة) أو عُشْر دية أمه عند عدم وجود الغرة. وعلى كل من المشاركات كفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فعليها صوم شهرين متتابعين. قال في المغني: وإن اشترك جماعة في ضرب امرأة فألقت جنينًا فديته أو الغرة عليهم بالحصص وعلى كل واحد منهم كفارة. وقد استدل شارح العمدة لوجوب الكفارة على مسقط الجنين بقول الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ[النساء:92]. وينبغي أن يراجع في الدية والكفارة الفتاوى التالية أرقامها: 30793، 28671، 5168، 10493، 16048، 29566. وعلى الآباء والأمهات أن يعتنوا بحضانة البنات ومنعهنَّ من مخالطة الأجانب أو المحارم الذين لا يحجزهم ورع ولا مروءة لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً[التحريم:6] وقوله صلى الله عليه وسلم: ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني