الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العبادة الكاملة تنتظم منافع الدين ومطالب الدنيا

السؤال

قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات: 56} وقال تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً {البقرة: 30} وقال تعالى: هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا {هود : 61} فكيف نضع العبادة في مكانها والاستخلاف والتعمير في مكانه فالتياران الشهيران في المسلمين اليوم، أحدهما يلغي التعمير والاستخلاف، والآخر يقدم التعمير والاستخلاف على العبادة، هذه ملاحظتي، فالتيار الأول ناقص، والثاني مخطئ، أجد ـ والله أعلم ـ أن الأساس هو العبادة، ولكنها لا تستقيم بدون استخلاف وتعمير، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، و أيضا في قوله تعالى: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا {القصص : 77} نجد أن التفسير المشهور لنصيبك من الدنيا هو المباحات، في حين أنني أرى ـ والله أعلم ـ أن للنصيب تفسيرا إضافيا آخر وهو النصيب من العمل الدنيوي الذي يجب أن لا ينساه المسلم، وإن نسيه فسيؤثر ذلك على عبادته، التي خلق من أجلها، وأقرب مثال حي على ذلك أن نسياننا للعمل الدنيوي جعلنا نجوز الاستعانة بمشرك، وهذا النقص من ترك العمل الدنيوي في الاستخلاف والتعمير لدينا، سده الكافر كما هو معلوم، والمقابل مساومة على العبادة، فما أريد أن أصل إليه أن العمل الدنيوي هو كالحصن بالنسبة للعبادة، وترك هذا الحصن يجعل العبادة في خطر، كما أن العمل الدنيوي يجعلك على علم بالواقع، وبالتالي تكون الفتوى منضبطة، فالإيمان هو من أنجى نوحا والذين معه، فكان العمل الدنيوي هو السفينة، فهل توافقونني أم لكم كلام آخر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالوقوف على المفهوم الكامل للعبادة يحل هذا الإشكال، ومعرفة حقيقتها ومداها يزيل هذا الانفصام الموهوم بين مصالح المعاش والمعاد، وبين منافع الدين والدنيا، فطلب ما لا تستقيم الحياة بدونه لا يخرج عن معنى العبادة، والقيام بذلك ليس مشروعا فحسب، بل هو من فروض الكفايات، فما بالك بما يتعلق برفعة الدين والتمكين له في الأرض وإبلاغه لعموم البشر، وقد سبق لنا بيان هذا المعنى في الفتوى رقم: 122837.

ولمزيد الفائدة عن ذلك يمكن الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 226648، 242068، 242332، 174971.

وأما قوله تعالى: وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ـ فراجع في تفسيره الفتوى رقم: 60971.

ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 34469.

وراجع في قوله تعالى: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ـ الفتوى رقم: 51848.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني