الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى المماثلة في قوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ

السؤال

ما هو ضابط تعميم آية: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف؟ وماهي الحقوق التي يتساوى فيها الزوجان؟ وهل يتساويان في العقوبة عند الله إذا قصر أحدهما في حق الآخر؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلفت أقوال المفسرين في المقصود بالمماثلة المذكورة في قوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ {البقرة: 228}.

قال أبو حيان في البحر المحيط في التفسير: وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمِثْلِيَّةِ، فَقِيلَ: الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمُوَافَقَةِ وَالطَّوَاعِيَةِ..... وَقِيلَ: الْمُمَاثَلَةُ فِي التَّزَيُّنِ وَالتَّصَنُّعِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي، لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقِيلَ: الْمُمَاثَلَةُ فِي تَقْوَى اللَّهِ فِيهِنَّ، كما عليهنّ أَنْ يَتَّقِينَ اللَّهَ فِيهِمْ..... وَقِيلَ: الْمُمَاثَلَةُ مَعْنَاهَا أَنَّ لَهُنَّ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ وَحَسَنِ الْعِشْرَةِ وَتَرْكِ الضِّرَارِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُمَاثَلَةُ فِي وُجُوبِ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ وَوُجُوبِ امْتِثَالِ الْمَرْأَةِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، لَا فِي جِنْسِ الْمُؤَدِّي وَالْمُمْتَثِلِ...... وَقِيلَ: الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ حُقُوقِ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَحُقُوقِ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ.

وعلى كل الأقوال، فليس المقصود بالمماثلة في الحقوق المماثلة في جنسها، ولكن المقصود المماثلة في أصل الوجوب، قال البيضاوي رحمه الله: أي ولهن حقوق على الرجال مثل حقوقهم عليهن في الوجوب واستحقاق المطالبة عليها، لا في الجنس، وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ، زيادة في الحق وفضل فيه.

وقال النسفي رحمه الله: والمراد بالمماثلة مماثلة الواجب في كونه حسنة لا في جنس الفعل، فلا يجب عليه إذا غسلت ثيابه أو خبزت له أن يفعل نحو ذلك، ولكن يقابله بما يليق بالرجال.

وبخصوص أمر العقوبة: فهو إلى الله عز وجل، فعنده سبحانه القسطاس المستقيم القائم على العلم والحكمة والعدل، فلا يظلم عنده أحد، قال تعالى: وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا {الكهف:49}.

وليس بلازم أن يتساوى الزوجان في العقوبة في حال تفريط أي منهما في حق الآخر، والأمر في ذلك كله إلى الله تعالى؛ كما أسلفنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني