الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعض بدع ومنكرات مجالس العزاء

السؤال

أود السؤال عن حكم ما يسمى الذكر النبوي في مجالس العزاء الخاصة بالنساء، فقد انتشر عندنا أن نقيم ذكرا في اليوم الثالث من العزاء فتأتي ما يسمونها: ملاية ـ وتعمل ذكرا وصلوات على الرسول صلى الله عليه وسلم مصحوبة بالضرب على الدفوف، ثم تكبيرات وتلبيات مثل ما يقال عند الحج تختمها بالدعاء حيث يقف الجميع متجهات نحو الكعبة للدعاء، فهل هذا الفعل جائز شرعا؟
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في كون هذا من محدثات الأمور المنكرة، وهو مع ذلك مخالف للذوق السليم، إذ كيف تضرب الدفوف في مجالس العزاء، وكيف تجتمع مع الذكر؟! بل إن مجرد تخصيص اليوم الثالث للاجتماع للعزاء يعد من البدع، ومن النياحة المنهي عنها، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: كل عمل يقصد به التعبد لله والأجر من الله لابد أن يكون ثابتا عن الله في كتابه العزيز، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقول أو فعل أو تقرير، ولما كان العزاء مما يقصد به الأجر من الله بتسلية أهل الميت والتخفيف عنهم بالدعاء لهم، فقد ثبتت طريقة تعزية أهل الميت بالسنة من المصطفى صلى الله عليه وسلم وعمل بذلك صحابته وخلفاؤه الراشدون ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في تعزية إحدى بناته بعد موت صبيها: إن لله تعالى ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وأمرها بالصبر والاحتساب ـ رواه البخاري ومسلم، وأي دعاء مشروع دعا به لهم جاز، مثل: أحسن الله عزاءك، وآجرك في مصيبتك، وخلف لك خيرا... ويقال لولي الميت، سواء في بيته أو في الشارع أو في السوق أو العمل، ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته الكرام أو خلفائه الراشدين أو أحد من الأئمة أنه جلس للعزاء خاصة، أو حدد يوما أو وقتا أو مكانا للعزاء، أو جمع الناس للعزاء، ولو كان ذلك يقرب إلى الله لبينه صلى الله عليه وسلم، وقد قتل عمه حمزة بن عبد المطلب، وقتل جعفر بن أبي طالب، وتوفي ابنه صلى الله عليه وسلم إبراهيم، وتوفيت ابنته زينب، وتوفي من خيار أصحابه في عهده صلى الله عليه وسلم، ثم توفي صلى الله عليه وسلم وله من المحبة الشديدة في قلوب المسلمين، وأصحابه أشد له حبا، فلو كان الاجتماع للعزاء مشروعا لفعلوه، وكذلك توفي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وتوفيت أمهات المؤمنين وسائر الصحابة، وما علم أن أحدا أقام لهم عزاء أو اجتمعوا لذلك، فدل أن الاجتماع للعزاء وصنع الطعام أو الشراب للحاضرين بدعة منكرة لا أصل لها في الدين، بل يجب إنكارها ويأثم من ساعد على إقامتها، ولما حدث هذا العمل في الأجيال اللاحقة، قال الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي: كنا ـ أي: معشر الصحابة ـ نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة ـ رواه الإمام أحمد بإسناد حسن، وتتأكد هذه البدعة بتخصيص مكان معين أو وقت للعزاء أو استحضار أي شيء آخر من الأنوار أو القراء أو الأكل أو الشرب عند أهل الميت، ولذلك نرى منع إقامة بيت للعزاء، سواء بأجرة أو بدون أجرة. اهـ.

وجاء فيها أيضا: إذا كان العزاء يشتمل على شيء من البدع أو المحرمات، كإقامة المأتم والنياحة وأمور الجاهلية، فإنه لا يجوز حضوره لا للرجال ولا للنساء، إلا من يقدر على إنكار المنكر. اهـ.

وقال الدكتور سعيد القحطاني في كتاب نور السنة وظلمات البدعة: إقامة المآتم على الأموات، وصناعة الأطعمة، واستئجار المقرئين لقراءة القرآن، يزعمون أن ذلك من باب العزاء، وأنه ينفع الميت، وكل ذلك من البدع، والأغلال التي ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني