الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: التوكل هو الثقة بالله، وصدق التوكل أن تثق في الله، وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك"، فماذا تعني هذه الجملة، وخصوصًا: "فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلم نقف على هذا الأثر مسندًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.

وعلى كل حال؛ فإن معنى هذا الكلام -سواء صحت نسبته لابن عباس أم لم تصح- أن المتوكل على الله عز وجل هو الذي يثق بما في يد الله تعالى وما عنده، ويعلم أن ما عند العباد يفنى، وما عند الله عز وجل باق، فيكون بما في يد الله أوثق منه بما في يديه، ويعلم أن ما عند الله من الخير المذخور للمؤمن في الجنة، خير وأعظم مما يفوته من حظوظ الدنيا، ولا يقلق على الغد، ولا يحمل همّ المستقبل؛ لعلمه أن الأمور كلها بيد الله تعالى، وهو واثق بربه سبحانه وبحسن تدبيره له، وبأن اختياره له خير من اختياره لنفسه، وهذه الثقة تحمله على التفويض، وتمام التوكل، فلا يقلق على الرزق، ولا يهتم لما هو آت.

وقد وردت عبارات كثيرة عن السلف بهذا المعنى، فقال أبو مسلم الخولاني: ليس الزهادةُ في الدُّنيا بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، إنَّما الزهادة في الدُّنيا أنْ تكونَ بما في يد الله أوثق مما في يديك، وإذا أُصِبْتَ بمصيبةٍ، كنت أشدَّ رجاءً لأجرها وذُخرها مِن إيَّاها لو بقيت لك. رواه الإمام أحمد في الزهد.

وراجع كلام ابن القيم في مدارج السالكين على منزلة التوكل، فإنه نفيس جدًّا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني