الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتراط ضمان العامل أو غيره مال المضارب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرجو التكرم بالإجابة على هذا السؤال:
رجل ضمن مالا لأجل أن يسلمه لرجل آخر للمضاربة فيه وبعد سنتين من مباشرة العمل خان الرجل الثاني في المال وضيعه فصار الضامن مطالبا بإرجاع الأموال فهل يعد من الغارمين فيأخذ الزكاة أم لا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن يد العامل في المضاربة على مال المضارب يد أمانة، فلا يضمن العامل رأس المال إلا إذا تعدَّى أو قصر، وراجع في هذا الفتويين التاليتين: 6743، 25334. وبناء على هذا فلا يصح اشتراط ضمان العامل أو غيره مال المضارب في حال عدم التعدي أو التقصير، أما اشتراط ضمان العامل لمال المضاربة إذا تعدى أو قصر فشرط صحيح متفق عليه بين الفقهاء في الجملة، وإن اختلفوا في بعض الأحوال التي يضمن فيها، وإذا صح تضمين العامل عند التعدي أو التقصير، صحَّ أن يكفله غيره في ما يضمن، وبهذا قال جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعية في مقابل الأصح عندهم، وهو ما يُعرف عند الفقهاء بضمان ما لم يجب. قال في البحر الرائق - وهو حنفي -: ومنه ما في الخلاصة ناقلاً عن الأصل، قال للمودع: إن أتلف المودع وديعتك أو جحدك، فأنا ضامن لك، صحَّ، وكذا إن قتلك فلان خطأً فأنا ضامن للدية صحَّ. اهـ وقال خليل - وهو مالكي -: والضامن بدين لازم أو آيل. اهـ قال الخرشي في شرحه لكلام خليل : (أو آيل إلى اللزوم) كداين فلانًا، وكالجعل، فيصحُّ الضمان به قبل أن يأتي بالآبق؛ لأنه وإن لم يكن الآن لازمًا فهو آيل إلى اللزوم. اهـ وقال ابن قدامة في المغني - وهو حنبلي -: ومنها صحة ضمان ما لم يجب. اهـ وقال في مطالب أولي النهى: ويصح تعليق الكفالة بسبب الحق، كالعهدة والدَّرَك وما لم يجب ولم يوجد سببه بلا نزاع في ذلك. اهـ وقال الشربيني في مغني المحتاج - وهو شافعي -: فلا يصح ضمان ما لم يجب، سواء أجرى سبب وجوبه... أم لا. اهـ وقال النووي في المنهاج: وصحح القديم ضمان ما سيجب. وقال ابن القيم في أعلام الموقعين: ويصح ضمان ما لا يجب، كقوله: ما أعطيت لفلان فهو علي، عند الأكثرين، كما دل عليه القرآن في قول مؤذن يوسف: (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ)[يوسف:72] والمصلحة تقتضي ذلك، بل قد تدعو إليه الحاجة أو الضرورة. اهـ وبناء على ما سبق، فإن الأخ الذي كفل مال المضاربة يجب عليه الوفاء به لربه؛ لأن العامل الذي ضمن عنه المال عند التفريط قد تعدى وأساء بخيانته - كما هو مذكور في السؤال - فإذا ضمن هذا الكفيل المال على ما ذكرنا، ولم يكن له من المال ما يفي بما ضمن، كان من أهل استحقاق الزكاة لدخوله في صنف الغارمين، الذي هو أحد الأصناف الثمانية المستحقة للزكاة، وإنما اشترطنا كون الغارم فقيرًا ليكون مستحقًّا للزكاة في هذه الحالة؛ لأن الغارمين نوعان: الأول: غارم لمصلحة خاصة - وهو الذي في مسألتنا - فهذا لا يُعطى من الزكاة إلا إذا عجز عن أداء الغرم الذي عليه. الثاني: غارم للمصلحة العامة كالصلح بين قبيلتين ونحو ذلك، فهذا يُعطى من الزكاة ولو لم يكن عاجزًا عن أداء الغرم. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني