الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب إنكار أصحاب المنهج السلفي دليل الحدوث عند الأشاعرة

السؤال

لماذا ينكر علماء السلفية، دليل الحدوث الذي يقول به الأشاعرة؛ لأني صراحة لا أعلم دليلا أقوى منه في إثبات حدوث الكون.
فهل هو باطل من كل الوجوه؟ لماذا لا نقول هو صحيح، ثم إذا جئنا عند الله نتوقف؛ لأن الله ليس كمثله شيء سبحانه، فلا نطبق عليه مبدأ حلول الأعراض، وبرهان الحدوث؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن العلماء من أتباع السلف -رحمهم الله- أنكروا دليل الحدوث؛ لأن المستدلين به من المتكلمين جعلوه تكأة نفوا بها صفات الرب عز وجل، بزعم أنه لا تحله الحوادث.

وأسلم من هذا الدليل أن يقال: إن الكون مخلوق، وكل مخلوق فلا بد له من خالق، كما أن أدلة وجود الرب تعالى وحدوث هذا الكون عقلا وحسا وفطرة، أظهر من أن تفتقر إلى هذا الدليل اليتيم الذي يستدل به المتكلمون، فكيف تزعم أنك لم تجد دليلا سواه.

يقول الدكتور سفر الحوالي حفظه الله: مَعْلُوم أنّ مَذْهَب السّلف هُوَ أَن وجوده تَعَالَى أَمر فطري، مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ, والأدلة عَلَيْهِ فِي الْكَوْن وَالنَّفس والْآثَار والآفاق، وَالْوَحي أجلّ من الْحصْر، فَفِي كل شَيْء لَهُ آيَة وَعَلِيهِ دَلِيل.

أما الأشاعرة فعندهم دَلِيل يَتِيم هُوَ دَلِيل "الْحُدُوث والقدم" وَهُوَ الِاسْتِدْلَال على وجود الله بِأَن الْكَوْن حَادث، وكل حَادث فلا بد من مُحدث قديم، وأخص صِفَات هَذَا الْقَدِيم مُخَالفَته للحوادث، وَعدم حلولها فِيهِ, وَمن مُخَالفَته للحوادث إِثْبَات أَنه لَيْسَ جوهرا وَلَا عرضا، وَلَا جسما، وَلَا فِي جِهَة وَلَا مَكَان… الخ. ثمَّ أطالوا جدا فِي تَقْرِير هَذِه القضايا، هَذَا وَقد رتبوا عَلَيْهِ من الْأُصُول الْفَاسِدَة مَا لا يدْخل تَحت الْعد، مثل إنكارهم لكثير من الصِّفَات كالرضا وَالْغَضَب، والاستواء، بِشُبْهَة نفي حُلُول الْحَوَادِث فِي الْقَدِيم، وَنفي الجوهرية والعرضية، والجهة والجسمية ... إِلَى آخر المصطلحات البدعية الَّتِي جعلُوا نَفيهَا أصولاً، وأنفقوا الْأَعْمَار والمداد فِي شرحها ونفيها. وَلَو أَنهم قَالُوا: الْكَوْن مَخْلُوق، وكل مَخْلُوق لا بد لَهُ من خَالق لَكَانَ أيسر وأخص, مَعَ أَنه لَيْسَ الدَّلِيل الوحيد, وَلَكنهُمْ تعمّدوا مُوَافقَة الفلاسفة حَتَّى فِي ألفاظهم. انتهى.

وقد أطنب شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كلامه، كشرح الأصفهانية، ودرء التعارض وغيرها، في الكلام على هذا الدليل وتزييفه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني