الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لعل موتك بعدهم خير لك ولهم

السؤال

أنا دائما أشعر بقلق شديد على فقدان أمي أو أبي أو أختي وأحاول نسيان ذلك بقراءة القرآن والدعاء وأنني مؤمنة بأنه قضاء الله وسوف يحدث ولكنني في بعض الأحيان أتمنى وأدعو الله بأن أموت قبل أن يحدث ما لا أتمناه وأشعر بخوف شديد منه ودعائي بالموت ليس سخطاً على الحياة ولكن خوفا من هذا الموضوع وأنا أشعر وأعلم أن الله سوف يغضب من الدعاء على نفسي.
شكراً وأسفة على طول السؤال.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الموت أمر كتبه الله على بني آدم، حيث قال سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ[آل عمران:185]. وللعبد عند حلول المصيبة في أهله أو ماله أو غيرهما عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى، ألا وهي الصبر على المقدور. روى مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنّ أَمْرَهُ كُلّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ. ومن الأدب أيضًا عند حلول المصيبة الاسترجاع، كما قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ[البقرة:155-157]. ثم لتعلمي -أيتها الأخت السائلة- أن تفكيرك في هذا الأمر مدخل من الشيطان على نفسك ليحزنها، وليكدر عليها صفوها، وليشغلك عمَّا هو أنفع لها من أمر دينها ودنياها، فاحذري من اتباع خطواته، واشغلي نفسك بالذكر وغيره مما هو مرغب فيه شرعًا، واعلمي أن مصابنا في فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم من أيّ مصاب في حبيب أو قريب. وانظري ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، وهي من أحب الناس إليه. روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: وارأساه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاكِ لو كان وأنا حيّ فأستغفر لك وأدعو لك. فنقول: لعل موتك بعدهم خير لك ولهم، فقد تؤخرين فتزدادين إحسانًا إلى إحسانك، أو تتوبين عما وقعت فيه من إساءة. وقد تؤخرين فتكثرين من الدعاء والاستغفار لمن مات منهم. وأما تمني الموت فلا يجوز، بل عليك أن تفوضي الأمر إلى الله كما جاءت السنة بذلك، وقد سبق أن بيَّنَّاها في الفتويين التاليتين: 31194، 10859. والله سبحانه وحده المطلع على عواقب الأمور. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني