الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيع أسهم شركة تخالف أنظمة الدولة في بناء أدوار أكثر من المسموح

السؤال

ما حكم بناء أدوار مخالفة، وحكم الأرباح الناتجة عن بيعها؟
دخلت في نظام مشاركة مع مقاول بناء وأناس آخرين لا أعرفهم، حيث أخذت نصيب سهم من أصل 24 سهمًا؛ لشراء قطعة أرض، وبناء برج سكني عليها، وبيع الشقق للمواطنين، ويقوم هذا المقاول بشراء الأرض وسداد ثمنها، والحصول على ترخيص بناء من الحي، يصرح فيه بإنشاء خمسة أو ستة أدوار، ثم يقوم ببناء ستة أدوار إضافية أخرى، ولكن في الغالب المبنى مستوف للشروط الهندسية، ومتانة الإنشاء، والمشكلة التي تؤرقني تكمن في بناء أدوار أكثر من المصرح به في رخصة البناء، علمًا أنه يتم التصالح على هذه الأدوار المخالفة لدى الجهات الحكومية، ويتم توصيل المرافق إليها من ماء، وكهرباء.. الخ. سواء بالطرق الرسمية، أم بالتحايل على القانون أم الرشوة، ويشكل المشترون اتحاد ملاك، ويكونون على علم بوضع المبنى، فما حكم المشاركة في مشروع مثل هذا، وحكم الأرباح الناتجة عن بيع نصيب السهم المملوك لي هل هو حلال أم حرام؟ سواء كلها أم الجزء المتعلق بالأدوار المخالفة فقط، أم إن هذه التجارة محرمة.
أرجو إفادتي في هذا الشأن، وبما يتعين عليّ عمله -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمنع من تعلية البناء، وتحديده بأدوار معينة، داخل في مسألة تقييد ولي الأمر للمباح، وقد نص العلماء على أن لولي الأمر تقييد المباح، إذا كان في ذلك مصلحة عامة، وتجب طاعته في ذلك. لكن فرق بين ما كان من ذلك فيه مصلحة عامة ظاهرة، أو تترتب على مخالفته مفسدة عامة ظاهرة، وما ليس كذلك، جاء في تحفة المحتاج -من كتب الشافعية-: الذي يظهر أن ما أمر به ـ أي: الحاكم ـ مما ليس فيه مصلحة عامة، لا يجب امتثاله إلا ظاهرًا ـ يعني خشية الضرر، أو الفتنة فقط ـ بخلاف ما فيه ذلك، يجب باطنًا أيضًا. اهـ.

ومن ثم؛، فينظر فيما منعت الرخصة لأجله: فإن لم يكن لمصلحة عامة ظاهرة، ولا تترتب على مخالفته مفسدة عامة، فلا يأثم المرء في ذلك، ولا سيما مع تغاضي الجهات المسؤولة عنه مع علمها بذلك.

وأما لو كان المنع لمصلحة عامة ظاهرة، وتترتب على مخالفته مفسدة ظاهرة، فليس للمرء تجاوز ذلك ببذل مال، أو غيره. ولا مشاركة غيره في ذلك.

وتقدير المصالح وكذلك المفاسد التي قد تترتب على مخالفة هذه القوانين، يرجع فيه إلى ذوي الخبرة والاختصاص هناك، كما يمكن سؤال أهل العلم حيث أنت، ولا سيما من لديهم اطلاع على تلك الأمور، وهذا أولى من السؤال عن بعد.

وأما من ملك سهمًا في ذلك وباعه، فلا حرج عليه في الانتفاع بثمنه، إذا أقرت الجهات المسؤولة البناء، وأذنت فيه، وتغاضت عنه.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني