الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إلزام النفس بالقول الأشد في كل مسألة من مسائل الطهارة للاحتياط

السؤال

قامت ابنتي قبل يومين بالتبول على السجادة، وهذه السجادة غير ملتصقة بالأرض بشكل ثابت، لكن يوجد فوقها أثاث، كالتخت، والكومدينا -أشياء ثقيلة يصعب إزالتها وغسل السجادة-، ففي المرة الأولى: قامت بالتبول على طرف السجادة، فقمت برفع طرفها، ووضعت تحته وعاء، وغسلتها سبع مرات مع التنشيف في كل مرة؛ حيث إنني آخذ بقول المذهب الحنبلي بغسل النجاسة سبع مرات، وسقطت المياه في الوعاء، فهل فعلي ذلك صحيح؟
وفي المرة الثانية: قامت بالتبول في وسط السجادة، وتسرب البول إلى الأرض التي أسفل السجادة، ولم أستطع رفعها، فقمت بتنشيف البول، ثم بعد ذلك غسلتها سبع مرات مع التنشيف في كل مرة، أي: أغسلها ثم أسحب الماء بقطعة قماش، فعلت ذلك سبع مرات، فهل الماء الذي تسرب من السجادة على الأرض يكون نجسًا، وبذلك تنجست الأرض؟ أم إن الأرض طهرت بالتبعية؟ وهل طهرت السجادة على جميع المذاهب؟ فأنا أحب أن آخذ دائمًا بالأحوط، وقرأت أن هناك قولًا عند الحنفية بأن ما يتشرب النجاسة، ولا يمكن عصره لا يطهر أبدًا، فماذا يفعل الإنسان في مثل هذه الحالة؟ وكذلك عندهم قول بأن الأرض المستوية لا تطهر أبدًا، فماذا يفعل الإنسان في هذا الزمن، حيث إن الأرض عليها بلاط.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما تفعلينه من التشديد على نفسك، والأخذ بالأشد في كل مسألة، خاصة في هذا الباب مما لم يشرعه الله لك، ولا أمرك به، وانظري لبيان ما يفعله العامي في مسائل الخلاف فتوانا رقم: 169801، وحسبك أن تقلدي أحد العلماء الموثوق بهم من غير قصد لتتبع الرخص، فأخذك بتشديدات المذاهب وتغليظاتها، وتتبعك إياها مما نراه تنطعًا وتعنتًا يتعين عليك تركه، وهذا مجلبة للوسواس، ومدعاة للحرج، وقد يؤدي بعد إلى التفلت من أحكام الشرع، فإن المنبَتّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى.

وعليه؛ فإن تلك السجادة قد طهرت؛ إذ يكفي مجرد صب الماء عليها في تطهيرها على القول الذي نفتي به، وهو ما رجحه جمع من محققي الحنابلة، كالعلامة ابن عثيمين -رحمه الله-.

والماء المنفصل عن تطهير تلك السجادة محكوم بطهارته على الراجح، ما دام غير متغير بالنجاسة، وانظري الفتوى رقم: 170699، وللفائدة أيضًا تراجع الفتوى رقم: 155409.

والأرض وما اتصل بها اتصال قرار تطهر بالجفاف على الراجح، وهو مذهب الحنفية، وعلى القول الآخر، فإنه يكفي صب الماء على الموضع المتنجس حتى يغمر النجاسة؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابي، وانظري الفتوى رقم: 140537.

ونعيد بتنبيهك بما ابتدأنا به، وهو ضرورة ترك التنطع والغلو في الدين، ويكفيك -إذ أنت عامية- أن تقلدي أحد العلماء الثقات من غير قصد لتتبع الرخص، دون أن تلزمي نفسك بالقول الأشد في كل مسألة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني