الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحيانا

السؤال

هل يحكم بالفسق لمن يتابع الأنمي التي تحتوي على الكفر، ويعتقد بطلانها، لكن يكثر من الاستغفار والندم بعد الانتهاء من متابعته، ولكن مدة إصراره عليها مرة كل أسبوع فقط؟
وهل يحكم بالفسق لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر تارة، وتارة لا؟ ولكن في الآخر يستغفر الله ويندم، ويطلب المغفرة والعفو؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا لك في الفتوى رقم: 362617 أن مشاهدة الأنمي التي تحتوي على المشاهد الكفرية، مع اعتقاد بطلانها، محرم.

وأما ما يتعلق بالفسق: فإن المذنب يفسق بفعل الكبيرة، وبفعل الصغيرة إذا أصر عليها، كما قال السفاريني في الدرة المضية:

ويفسق المذنب بالكبيرة كذا إذا أصر بالصغيرة.

ومشاهدة الإنمي التي تحتوي على المشاهد الكفرية مع اعتقاد بطلانها، لا يظهر أنه ينطبق عليه ضابط الكبيرة الذي بيناه في الفتوى رقم: 123437. فهو إذا من الصغائر، فلا يفسق به المسلم إلا إذا أصر عليه، وضابط الإصرار الذي تصير الصغيرة به كبيرة، قد بيناه في الفتوى رقم: 357523 .

وأما ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بلا عذر-: فهو من الكبائر إن كان المنكر من الكبائر، وإلا فهو من الصغائر.

جاء في الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي: الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والتسعون بعد الثلاثمائة: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة، بأن أمن على نفسه ونحو ماله ... عدهما -يعني: من الكبائر- هو ما نقله الرافعي ثم توقف فيه، وأقره النووي على توقفه ... قال بعض المتأخرين: ينبغي أن يفصل في النهي عن المنكر، فيقال إن كان كبيرة فالسكوت عليه مع إمكان دفعه كبيرة، وإن كان صغيرة، فالسكوت عليه صغيرة. ويقاس ترك المأمور بها إذا قلنا إن الواجبات تتفاوت وهو الظاهر. انتهى كلام الجلال عن الأذرعي؛ وبقي من كلامه شيء يظهر به صحة ما فصله وهو قوله: ولك أن تأخذ من إطلاق كون ترك النهي عن المنكر كبيرة، أن ترك النهي عن الغيبة المحرمة كبيرة، وقد أطلق قائل هذا وهو صاحب العدة أن الغيبة من الصغائر. انتهى.
أي فكيف يتعقل أن الغيبة نفسها صغيرة، وترك النهي عنها كبيرة؟ فاتضح تفصيله أن ترك النهي عن الكبيرة كبيرة، بخلافه عن الصغيرة. قال الجلال: وما ذكره أي الأذرعي في الواجبات: أي من أنها تتفاوت، معناه أن جواب السلام مثلا واجب، وإجابة الدعوة واجبة وهما دون الصلاة والزكاة والحج والصوم، فترك الأمر بالصلاة ونحوها مع الإمكان كبيرة، وترك الأمر بجواب السلام أو إجابة الدعوة مع الإمكان، ليس بكبيرة؛ انتهى.

قال الجلال أيضا: وأما المندوبات فليس ترك الأمر بها كبيرة، قيل ولا صغيرة؛ لأن المعروف الذي يجب الأمر به، ما يكون فعله واجبا على المكلف، وكذلك المكروهات ليس إنكارها واجبا، كما يجب إنكار المحرمات، بل يستحب الأمر بالمندوبات والنهي عن المكروهات .اهـ. باختصار.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني