الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام عدم تكسب الزوج وإنفاق المرأة عليه وعلى أولاده

السؤال

أمي امرأة عاملة، وهي التي تتكلف بشؤون البيت منذ أن تزوجت بأبي، وهو يجلس بالبيت دون أن يبحث عن عمل، أو يسعى لنفقة أهله، وتحمل مسؤولية الأب، رغم أنه قادر.
وعند التكلم معه في هذا الموضوع، يقول إن خديجة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام، هي أيضا من كانت تنفق عليه.
هذا الموضوع يضايقني كثيرا، ويسبب لي إحراجات كثيرة في مجتمعي.
فما قولكم؟ وهل من الصحيح أن أكلم أمي في هذا الموضوع؛ لأني أخاف أن أحدث مشاكل بينهما؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزوج يجب عليه أن ينفق على زوجه ولو كانت غنية، قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا {الطلاق:7}. وقال صلى الله عليه وسلم: ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف. رواه مسلم.

وكذلك النفقة على الأبناء هي واجبة على أبيهم في الأصل، لا على أمهم. ويجب على الأب أن يتكسب ليؤدي النفقة الواجبة عليه.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

*ذهب الفقهاء إلى أن الاكتساب فرض على المحتاج إليه، إذا كان قادرا عليه؛ لأنه به يقوم المكلف بما وجب عليه من التكاليف المالية، من الإنفاق على النفس والزوجة والأولاد الصغار، والأبوين المعسرين، والجهاد في سبيل الله وغير ذلك.

*ويفصل ابن مفلح الحنبلي حكم الاكتساب بحسب أحوال المكتسب، وخلاصة كلامه: يسن التكسب مع توفر الكفاية للمكتسب، قال المروزي: سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: إني في كفاية، قال الإمام أحمد: الزم السوق تصل به رحمك، وتعد به على نفسك.
ويباح التكسب لزيادة المال والجاه، والترفه والتنعم، والتوسعة على العيال، مع سلامة الدين والعرض والمروءة، وبراءة الذمة.
ويجب التكسب على من لا قوت له، ولمن تلزمه نفقته، وعلى من عليه دين، أو نذر طاعة، أو كفارة. اهـ.
لكن إذا تبرعت الزوجة بالإنفاق على زوجها وأبنائه برضا وطيب نفس منها، فالأمر إليها في ذلك، ولا إثم على الزوج حينئذ في جلوسه في البيت دون كسب.

وقد سئل ابن باز: إذا تزوجت من فتاة مدرسة. هل يحق أخذ راتبها برضاها للحاجة، ولمصلحة الاثنين، كبناء منزل مثلا؟

فأجاب: لا حرج عليك في أخذ راتب زوجتك برضاها، إذا كانت رشيدة، وهكذا كل شيء تدفعه إليك من باب المساعدة، لا حرج عليك في قبضه إذا طابت نفسها بذلك، وكانت رشيدة؛ لقول الله عز وجل في أول سورة النساء: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}.اهـ.

وبعد هذا: فإن تحريضك لوالدتك على أبيك، باب شر وسوء، لا يسوغ لك الولوج فيه مهما كانت الأسباب، وإنما لك أن تكلمي والدك، وأن تصارحيه بما يختلج في نفسك. فإن استجاب لك، وإلا فاصبري وأعرضي عما يقوله الناس.

أما تحريض والدتك لتترك الإنفاق على والدك، فهذا سعي في الفتنة والفساد، وهو من العقوق لوالديك.

وراجعي للفائدة، الفتويين: 105، 35014.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني