الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اشتراط الشريك أن تكون حصته منفعة الفكرة

السؤال

تكونت شركة من ثلاث شركاء، واشترط الشريك الثالث أن تكون له نسبة 10% من الأصول (غير مدفوعة)؛ مقابل الفكرة (ال نو هاو)، ومرتبًا مقابل الإدارة، وأن يكون له حق الإدارة والتوقيع، وتمت الموافقة على مضض، وتمت صياغة العقد بهذا، وكان شرطنا أن يحقق لنا أرباحًا تساوي قيمة رأس المال بعد خمس سنوات، وكان شرطًا غير مكتوب –للأسف-، واشترينا له سيارة، وكان يحتفظ بفنيات العمل وأسراره على فلاشة، يحملها في جيبه، وكان حريصًا على ألا يظهرها لنا ولا لأحد من العمال، ونظرًا لضيقة مالية قمنا ببيع قطعة أرض مملوكة للشركة، فحرص على أن يقبض حصته فيها، ولم يحقق الشرط المتفق عليه وهو تحقيق أرباح تساوي رأس المال؛ حتى بعد مرور 7 سنوات، وهاجر إلى أمريكا فجأة، وترك المشروع مهددًا بالتوقف، وقبلها قام بتزوير العقد، ووضع شرطًا هو: ألا يكون هناك بيع إلا بإجماع الشركاء، والآن يطلب عن طريق القضاء نسبة ال10% من كل أصول الشركة، فما موقف الشرع من هذا العقد؟ وما أحقية هذا الشريك في أصول الشركة، وما تم قبضه -سواء من بيع قطعة الأرض أم من السيارة التي احتفظ بها-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يصح لصاحب رأس المال أن يشترط على العامل، أو الأجير، أو حتى الشريك، أن يضمن رأس المال، فضلًا عن تحقيق نسبة معينة من الأرباح.

كما أن صورة الشركة المذكورة في السؤال لا تصح على أية حال؛ فالمفهوم من السؤال أن هذا الشريك الثالث اشترط هذه النسبة من أصول الشركة؛ نظير خبرته ومهارته، أو معرفته بسر المهنة، كما يدل عليه قول السائل: (ال نو هاو) = (Know - how)، وهذا يعني أن حصته من رأس مال الشركة ليست نقدًا، بل ولا عرضًا، وإنما هي منفعة الفكرة، وجمهور أهل العلم يشترطون لصحة الشركة أن يكون رأس مال كل شريك نقدًا لا عرضًا، فضلًا عن المنافع.

وذهب مالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى صحتها في العروض؛ بشرط أن تُقوَّم، وتجعل قيمتها وقت العقد رأس المال، وراجع في ذلك الفتويين: 64691، 63862.

فإذا كانت الشركة لا تصح بالعروض، فأولى أن لا تصح بالمنافع، كأن تكون حصة هذا الشريك الثالث في الشركة عبارة عن فكرة المشروع، أو خبرته في هذا المجال، اللهم إلا إذا قوّمت الفكرة بمبلغ معين من المال عند العقد، وصار هذا المبلغ هو حصته في الشركة، فقد يقال بالصحة.

وعلى أية حال؛ فهذا التقويم لم يحصل، ومن ثم؛ فلا إشكال في فساد هذه الطريقة للشركة.

وإذا فسدت الشركة فُسخت، ورجع لكل شريك ما شارك به من أموال، واستحق صاحب الفكرة قيمة فكرته، وأجرة المثل على عمله، بتقدير أهل الخبرة في هذا المجال، وانظر للفائدة الفتويين: 243733، 78519. وهذا القدر هو ما يمكننا بيانه إجمالًا.

وعلى أية حال؛ فمسائل الخصومات والنزاعات محل الفصل فيها هو القضاء، أو التحكيم الشرعي؛ ليتسنى السماع من جميع الأطراف، والوقوف على حقيقة الحال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني