الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا شاب عمري 29 سنة، مسلم ملتزم بديني منذ طفولتي بفضل الله، لقد رزقني الله من كل شيء خيرا؛ علما ومالا ودينا، وشكلا حسنا، وحسبا ونسبا، لكن للأسف أنا شاذ جنسيا، ولم أمارس الفاحشة (اللواط) أبدا، ولن أمارسها -إن شاء الله-. لكني وحيد في هذه الحياة؟ وهذا يذبحني، والله خلقنا أزواجا، يقول لي أهل الدين الحل هو الزواج !!!
وأنا حنون جدا على الأطفال، وأقدس الأبوة، وأحن على النساء حبا عذريا طاهرا (كما أحن على أخواتي البنات)، لكني للأسف لا أميل إليهن جنسيا أو عاطفيا أبدا. ميلي الجنسي والعاطفي للشباب فقط، وقد أحببت كثيرا من الشباب، وكتمت نفسي، إنا لله وإنا إليه راجعون.
ما رأيكم يا قوم أأتزوج وأستر نفسي؟ أم أفلت لنفسي العنان شذوذا والعياذ بالله؟ أم أحبس نفسي عن الجنسين، وأطلب من الله الخلاص؟ وأنا أموت في أرضي قهرا وحزنا ووحدة. فلا أنا على الحلال قادر إذ أخاف أن أظلم زوجتي، أو أن تعيرني، وتتركني يوما إن اكتشفت ذلك. ولا أنا على الحرام مجترئ مخافة الله. إنا لله وإنا إليه راجعون.
ساعدونا -جزاكم الله خيرا- فقد ضاقت الأرض بما رحبت، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على استقامتك على طاعة الله تعالى، وعلى حرصك على إعفاف نفسك من الوقوع في الفواحش، حفظك الله وزادك هدى وتقى وصلاحا، وجعلك من ورثة الفردوس، ويسر لك زوجة صالحة تقر بها عينك.

ولا شك في أن ما أنت فيه من الميل للشباب والرغبة عن النساء نوع من الابتلاء، ولعلك إذا صبرت عليه أن يرفع الله لك به الدرجات، ويكفر عنك به الذنوب والسيئات، وراجع في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103.

واحرص أيضا على الدعاء، ولا سيما الأدعية التي تتضمن سؤال الله تعالى العافية، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 221788، وكذا سؤاله العفاف، ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

وأما الزواج فبادر إليه ولا تتردد، فهو من خير ما تطفأ به نار الشهوة، ولذلك جاء الحث عليه في الكتاب والسنة، قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وفي الصحيحين عن ابن مسعود أيضا رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.

وبهذا الزواج، ومع شيء من الصدق مع الله تعالى، والعزم تجد نفسك في عافية من هذا البلاء، قال تعالى: فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ {محمد:21}، وثبت في سنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن بعض أصحابه: صدق الله؛ فصدقه.
ونوصيك أيضا بالحرص على الصوم، فإنه باعث على التقوى، وكاسر لحدة الشهوة، واصحب الأخيار، واجتنب كل ما يؤدي إلى الفتنة.

ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى: 1208، 10800، 12928.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني